في الوقت الذي يُفترض فيه أن يتصدر أعضاء المجلس الجماعي لسيدي بيبي واجهة التواصل مع الساكنة، عبر إخبارهم بالمستجدات والترافع عن مصالحهم أمام الإدارات العمومية، يلاحظ المهتمون بالشأن المحلي تراجعًا واضحًا في أداء المنتخبين، وغيابًا لافتًا لأدوارهم التمثيلية. هذا الفراغ، الذي بات يقلق الساكنة، يدفع عددًا من الفاعلين المدنيين إلى ملئه، عبر المبادرة الذاتية والنزول إلى الميدان لطرح الإشكالات وملاحقة الملفات المتعثرة.
وفي هذا السياق، خرج الفاعل الجمعوي حسن بركوز بفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نقل من خلاله معطيات هامة للرأي العام المحلي، بخصوص ملف تصاميم إعادة الهيكلة والتعرضات المقدمة من طرف ساكنة مجموعة من دواوير سيدي بيبي.
جولات ميدانية لتعقب مصير الملفات
بركوز، الذي قام بزيارات متتالية لكل من المديرية الجهوية لوزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة بأكادير، وإدارة الوكالة الحضرية، أكد أن مسؤولي الإدارتين تفاعلوا معه بإيجابية، وقدموا معطيات دقيقة حول مصير التصاميم والتعرضات.
وحسب إفادات المديرية الجهوية لوزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة، فإن اجتماعات عديدة تم عقدها حول الموضوع، غير أن الجهة المكلفة فعليًا بمعالجة هذه الملفات هي الوكالة الحضرية. هذه الأخيرة أكدت بدورها أنها توصلت ببعض التصاميم والتعرضات المتعلقة بدواوير محددة مثل دوار بنكمود ودوار تدارت، غير أنها أعادتها الى مصالح الجماعة مشيرة إلى أن التصاميم توجد حاليًا إما بمقر العمالة أو الجماعة، في انتظار الإفراج عنها ليتمكن المواطنون من الاطلاع عليها.
أين اختفت باقي الملفات؟
المثير في الأمر، حسب ما كشفه حسن بركوز، أن باقي التعرضات لم تصل بعد إلى مصالح الوكالة الحضرية. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول سبب هذا التأخير، لاسيما وأن الزمن الإداري يجب أن يكون مضبوطًا وفق آجال قانونية واضحة.
هل هناك تقاعس داخل مصالح الجماعة؟ أم أن هناك إرادة خفية لتعطيل الملفات لأسباب غير معلنة؟ يتساءل بركوز، موضحًا أن المواطنين يجهلون مصير تعرضاتهم، ما يجعلهم في حالة ترقب وقلق دائمين، خاصة أن الأمر يتعلق بمشاريع سكنية وتحسين ظروف العيش.
التعرضات ضرورية لإنجاز التصاميم النهائية
وفي ردها على سؤال حول أهمية هذه التعرضات، أكدت مصالح الوكالة الحضرية أنها تؤخذ بعين الاعتبار بشكل جدي، وأنها تساهم في إخراج التصميم النهائي لإعادة الهيكلة، والذي من المفترض أن يُعرض لاحقًا على مصالح الجماعة ومن ثم على المواطنين.
غير أن الطريق إلى الحصول على رخص البناء لا يزال معقدًا، بسبب ما يعرف بـ”إشكال الأراضي” أو ما يُطلق عليه محليًا “أراضي الأجداد” أو “أراضي الجموع”، والتي تمثل العائق الأكبر أمام استغلال المواطنين لأراضيهم في البناء القانوني، رغم توفرهم على التصاميم أو التصاريح المبدئية.
الأمل معقود على حل مشكل الأراضي الجماعية
بركوز نقل عن مصالح الوكالة الحضرية أن الدولة منكبة حاليًا على حل إشكال الأراضي السلالية، وهو ما يعزز الأمل في أن تتم تسوية هذا الملف الذي عمر طويلًا، وحرم عددًا كبيرًا من الأسر من حقها الدستوري في السكن.
وأكدت الوكالة أن هناك تضافرًا للجهود من طرف الفاعلين الجمعويين والسلطات الإقليمية والولائية من أجل إيجاد مخرج قانوني وإنساني لهذا المأزق العقاري، بما يكفل للساكنة إمكانية البناء والاستقرار.
سؤال الديمقراطية المحلية
رسالة هذا الترافع الجمعوي تتجاوز تفاصيل الملف التقني، لتطرح إشكالًا جوهريًا يتعلق بأداء المجالس المنتخبة، وقدرتها على لعب دور الوسيط الحقيقي بين المواطن والإدارة. غياب بعض أعضاء مجلس جماعة سيدي بيبي عن هذه الملفات، وترك المبادرة للمجتمع المدني، يعكس اختلالًا في التوازن الديمقراطي المحلي، ويستدعي مساءلة الأداء التمثيلي والرقابي للمجالس المنتخبة.
ففي وقت تحتاج فيه الساكنة إلى من يمثل صوتها داخل المؤسسات، تكتفي فئة من المنتخبين بالصمت، أو الغياب، تاركة المجال لفاعلين جمعويين يقومون بما كان ينبغي أن يكون في صميم عمل المجالس الجماعية.
تبقى دعوة حسن بركوز بمثابة إنذار مبكر: “إما أن يتحمل الجميع مسؤوليته، أو أن يظل المواطن البسيط في سيدي بيبي يدفع ثمن التهميش الإداري وغياب الإرادة السياسية.”