اشتوكة آيت باها: معركة استعادة الكرامة والحكامة الجيدة

يعيش إقليم اشتوكة ايت باها الذي طالته سنوات من التراكمات والاختلالات، مرحلة دقيقة من التشخيص المؤسسي والإداري، بعدما أصبح جسده الترابي يعاني من أمراض مزمنة عنوانها الأبرز “الفساد المقنّع” وسوء التدبير. ومع قدوم العامل الجديد، يبدو أن المرحلة المقبلة ستعرف تحولات غير مسبوقة، ترتكز على الحزم وتفعيل آليات المحاسبة.
العديد من المراقبين يرون في هذا التحول لحظة فارقة في مسار إقليم لطالما شكا من التهميش الإداري والاقتصادي. مرحلة “التشخيص الدقيق” التي بُدئ بها، وفق تعبير بعض المتابعين، تُعد تمهيدًا لمرحلة أكثر جرأة: “مرحلة الكيّ”. هذا المصطلح الرمزي يعكس إرادة قوية في تجاوز الحلول الترقيعية والانتقال إلى إجراءات جذرية لعلاج الاختلالات البنيوية داخل الجماعات الترابية.
اللافت أن هذا المسار لا ينطلق فقط من إرادة شخصية للعامل الجديد، بل يرتكز أيضًا على أدوات مؤسساتية واضحة، من أبرزها الاستعانة بأطر “المفتشية العامة لوزارة الداخلية”، المعروفة بدورها المحوري في تتبع ملفات التدبير المحلي. خطوة توحي بأن الإقليم في طريقه إلى فتح ملفات ظلت، لسنوات، تراوح مكانها في رفوف الانتظار والصمت الإداري.
ويؤكد فاعلون محليون أن العامل الجديد يتميز بالجرأة والكفاءة التي تُمكنه من الاقتراب من ملفات توصف بـ”المحرّمة”، والتي ظل العديد من المسؤولين يتفادون الاقتراب منها مخافة فتح أبواب يصعب إغلاقها. لكن السياق الحالي يفرض، حسبهم، التعاطي مع ملفات الفساد بشفافية ومسؤولية، إذ أن سقوط أول “رأس فاسد” قد يُمهّد لسقوط آخرين، ربما أكثر تورطًا وخطورة.
وفي المقابل، ينتقد البعض ما اعتبروه “تردداً” طبع تعاطي بعض المسؤولين السابقين مع هذه الملفات، حيث تم الاكتفاء بسياسة “دع الأمور تمشي كما يشاء لها القدر”، دون تدخل فعلي يعيد الثقة للمواطنين ويعزز الحكامة المحلية. هذا التراخي، الذي دام لسنوات، كان له أثر مباشر على التنمية المحلية التي ظلّت رهينة قرارات مرتجلة وتدبير يغيب عنه المنطق التنموي السليم.
اليوم، تترقّب ساكنة أشتوكة ايت باها ما سيسفر عنه هذا المسار الجديد. فـ”الحدث العظيم”، كما يسميه البعض، قد يكون بمثابة انطلاقة جديدة لإقليم أنهكته سنوات من التجاهل والفساد المقنّع. وبين آمال الإصلاح ومخاوف الركود، تظل العيون مفتوحة، والقلوب معلقة على ما ستبوح به نتائج “التشخيص”، وعلى شكل “الكيّ” المنتظر.
أشتوكة الآن ليست فقط قضية إدارة أو سياسة، بل قضية مجتمع يتطلع إلى استعادة كرامته من خلال حكامة حقيقية، تقطع مع ممارسات الماضي وتؤسس لمرحلة جديدة من الشفافية والمساءلة.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬335

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *