العدالة والتنمية: هل انتهى زمن الخداع؟

في خضم الاستعدادات للانتخابات التشريعية المغربية لعام 2026، يظهر حزب العدالة والتنمية محاولات يائسة لاستعادة مكانته السياسية المتراجعة، مستغلًا القضايا الوطنية الكبرى في مناورات سياسية مكشوفة.

في مشهد سياسي يفتقر إلى المصداقية، يحاول الحزب، الذي وقع أمينه العام سعد الدين العثماني في عام 2020 اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل، تقديم نفسه اليوم مدافعًا عن القضية الفلسطينية، متجاهلًا ذاكرة المغاربة التي لا تنسى.

لقد عاقب الشعب الحزب في انتخابات 2021 على سنوات من الفشل والتناقضات، وها هو اليوم، في حالة من الارتباك السياسي، يتورط في ممارسات تمس بالثوابت الوطنية، مقدمًا مصالح الإخوان المسلمين على وحدة المغرب وسيادته.

كشف حزب العدالة والتنمية، مرة أخرى، عن أولوياته الحقيقية التي تضع الولاء للتيار الإخواني العالمي فوق الثوابت الوطنية للمغرب، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.

خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمره التاسع في 26 أبريل 2025 بالرباط، تورط الحزب في ممارسات تسيء لسيادة المملكة، من خلال استدعاء شخصيات مرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، المعروف بمواقفه المعادية لوحدة المغرب الترابية.

استدعاء الحزب لشخصيات مثيرة للجدل، كالداعية الموريتاني “محمد ولد الحسن الددو”، يثير تساؤلات حول أهداف ونوايا الحزب. كيف يستدعي ويحتفي بشخص يعادي مغربية الصحراء، ويصف الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بـ “وثيقة ملكية على سطح القمر”، في إهانة لمشاعر المغاربة؟ ولماذا يستقبل شخصية “إخوانية” تستهزئ بقضية وطنية مصيرية؟

الأخطر أن المؤتمر شهد تصريحات من رئيس حزب الرفاه التركي، تدعو إلى الثورة على الأنظمة التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل، في إساءة ضمنية للمغرب. ورغم خطورة هذه التصريحات، لم يصدر أي رد فعل من قادة الحزب، مما يؤكد التواطؤ الضمني مع هذه الإساءات.

هذا السلوك يمثل قمة التناقض السياسي: الحزب الذي يحاول اليوم استغلال القضية الفلسطينية لاستدرار عواطف الناخبين قبل انتخابات 2026، هو نفسه الحزب الذي أشرف، عبر أمينه العام سعد الدين العثماني، على توقيع اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل في عام 2020.

لقد كان حزب العدالة والتنمية جزءًا فاعلًا في هذا القرار السيادي. وها هو اليوم يتناقض مع هذا القرار في محاولة للعودة إلى الواجهة، بعد هزيمته في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2021، حيث لم يتمكن حتى من تشكيل فريق نيابي داخل البرلمان، بعد أن رفضه المواطنون بسبب سياساته الكارثية وازدواجيته المكشوفة.

اليوم، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية لعام 2026، يحاول الحزب يائسًا استغلال القضية الفلسطينية كورقة انتخابية مكشوفة، متجاهلًا وعي المغاربة الذي لن ينخدع بهذه المناورات. المواطنون يدركون أن استغلال المآسي الخارجية لا يغسل خطايا السياسات الداخلية، ولا يغطي على فشل حزب انكشف وجهه الحقيقي، سواء في ممارساته الحكومية أو في تحالفاته المشبوهة مع تيارات إخوانية تخدم أجندات معادية للمغرب.

ما حدث في مؤتمر العدالة والتنمية ليس مجرد زلة لسان أو خطأ بروتوكولي، بل سلوك ممنهج يضرب الوحدة الوطنية، ويخدم مشاريع خارجية تسعى للنيل من استقرار المغرب ونظامه الملكي.

وفي مواجهة هذه الانزلاقات، دعت فعاليات مدنية القوى الوطنية إلى اليقظة والتحرك دفاعًا عن ثوابت المملكة وسيادتها، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس.

لقد انتهى زمن اللعب بالعواطف، والمغاربة اليوم أكثر تصميمًا على حماية وحدة وطنهم ورفض استغلال قضاياهم المصيرية لتحقيق مكاسب سياسية حزبية ضيقة.

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن حزب العدالة والتنمية، الذي رفضه الشعب المغربي لعجزه وانفصاله عن هموم الوطن، لم يستخلص أي درس من هزيمته المدوية.

اليوم، وهو يحاول استغلال القضية الفلسطينية بشكل مكشوف، يكشف عن حقيقته كحزب يقدم الولاء لمشاريع إخوانية عابرة للحدود، على حساب المصالح العليا للمغرب ووحدته الترابية.

المغاربة، بوعيهم الراسخ، لن يسمحوا بتكرار الخداع، ولن يفرطوا في استقرار وطنهم وسيادته لصالح أجندات دخيلة.

تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، سيظل المغرب عصيًا على كل محاولات التوظيف الرخيص والمتاجرة بقضايا الأمة، وسيبقى وفيًا لمساره الوطني الثابت، مهما حاولت بعض الأصوات النشاز التشويش على هذا المسار.

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬310

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *