أثارت حادثة تداول صور مروّعة من مسرح جريمة وقعت مؤخرًا بمدينة ابن أحمد، عبر صفحات إلكترونية ومنصات تواصل اجتماعي، موجة استياء عارم في أوساط الفعاليات المدنية والحقوقية، التي اعتبرت نشر تلك الصور انحدارًا أخلاقيًا ومهنيًا صارخًا، وانتهاكًا صريحًا لحرمة الموتى وخصوصية الضحايا وأسرهم.
وفي بيانات وتصريحات متطابقة، أعربت هذه الفعاليات عن إدانتها الشديدة لهذا السلوك الذي يتنافى مع أبسط قواعد العمل الصحفي، ويخالف المواثيق الأخلاقية التي توجب احترام الكرامة الإنسانية، حتى في الموت. كما طالبت بـ السحب الفوري لتلك الصور من مختلف المنصات الرقمية، والتنبيه إلى خطورة التطبيع مع هذا النوع من المحتوى الصادم.
وتساءلت العديد من الأصوات الحقوقية عن الدوافع التي تجعل بعض المنابر الإعلامية تلهث وراء الإثارة على حساب القيم الإنسانية، وتتمادى في نشر صور تمس بخصوصية أسر مفجوعة، دون أي اعتبار للتبعات النفسية والاجتماعية لمثل هذا التصرف.
وأكدت الفعاليات على أن التغطية الإعلامية لا يجب أن تكون على حساب حرمة الجثث وحق الضحايا في الاحترام، بل يجب أن تُمارس بروح المسؤولية والالتزام بمعايير المهنية، التي تضع الإنسان وكرامته في صدارة الأولويات.
وفي مقابل الإدانة الواسعة لنشر الصور، أشادت الفعاليات المدنية بجهود عناصر الأمن الوطني والشرطة العلمية، الذين تمكنوا من فك لغز الجريمة بسرعة وكفاءة، مما يعكس احترافية الأجهزة الأمنية وقدرتها على مواجهة التحديات الإجرامية بأدوات علمية واستباقية.
وقد عبرت العديد من الأصوات عن ثقتها في المؤسسات الأمنية والقضائية، داعية إلى ترك المجال للعدالة لأخذ مجراها، بعيدًا عن محاكمات الرأي العام والإثارة الإعلامية المغرضة.
كما جددت الجمعيات دعوتها إلى تفعيل القوانين المتعلقة بحماية الحياة الخاصة وكرامة الأفراد، مع ضرورة فرض عقوبات على الجهات أو الأفراد الذين يروّجون لمحتويات صادمة تنتهك الحقوق الأساسية، خاصة في القضايا الجنائية التي تتطلب الحذر والاحترام.
إن هذه الواقعة المؤسفة تعيد إلى الواجهة السؤال المحوري حول دور الإعلام في المجتمع، وتضع الجميع أمام مسؤولية جماعية لحماية الحق في المعلومة، دون المساس بحقوق الإنسان وكرامته. فبين حدود السبق الصحفي وضرورات الأخلاق، يبقى الخط الفاصل هو الضمير المهني والمسؤولية الإنسانية.