أيت ملول: مداخلة قوية للمستشار فوزي سيدي أمام عامل الإقليم تكشف اختلالات عميقة وتطالب بتدخل عاجل

لم يكن اللقاء التشاوري الأخير الذي جمع العامل الجديد لإقليم إنزكان أيت ملول أمس الخميس 20 نونبر 2025 بأعضاء مجلس جماعة أيت ملول مجرد اجتماع بروتوكولي عابر؛ بل كان، بحسب مراقبين، إعلاناً صريحاً عن نهاية مرحلة وبداية أخرى. مرحلة “العبث” الإداري، وسياسة “الأذن الصماء” تجاه المراسلات، ومحاباة ذوي النفوذ على حساب المصلحة العامة، يبدو أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة مع الوافد الجديد على رأس الإدارة الترابية للإقليم.

إن الرسالة التي التقطتها الساكنة ومنتخبوها هي أن منطق “كم حاجة قضيناها بتركها” لم يعد مقبولاً في ظل التحديات المتراكمة. وقد تجلى هذا المنطق الجديد في النقاش الحاد والمسؤول الذي طبع اللقاء، والذي شكلت فيه المداخلة القوية والمفصلة للمستشار الجماعي فوزي سيدي نقطة الارتكاز، حيث وضعت الأصبع على الجروح الغائرة التي تعاني منها مدينة أيت ملول، كاشفة عن اختلالات عميقة لم يعد ممكناً التستر عليها.

نهاية زمن الصمت.. وتشخيص دقيق للواقع المؤلم

لقد جسدت مرافعة المستشار فوزي سيدي نموذجاً للقطيعة مع لغة الخشب. فبدل عبارات المجاملة المعتادة، اختار ممثل الساكنة وضع العامل الجديد أمام “أمر الواقع” المؤلم، مقدماً تشخيصاً دقيقاً لأزمات بنيوية وخدماتية حولت حياة المواطنين في أحياء عديدة إلى معاناة يومية.

فقد طالب سيدي بجرأة بضرورة الحسم الإداري عبر ضم المجال الغابوي ومنطقة المزار للنفوذ الترابي للجماعة لفك العزلة التنموية عنها. ولم يقف عند هذا الحد، بل عرّى واقع البنية التحتية “المتعثر”، مشيراً بالاسم إلى أحياء مثل “قصبة الطاهر”، “المزار”، “تمزارت”، التي تئن تحت وطأة طرق متهالكة، محذراً من أن استمرار هذا الوضع يؤدي لتآكل ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.

من أزمة التطهير إلى “الظلام الدامس”: مطالب استعجالية

لم تكن المداخلة مجرد سرد للمشاكل، بل كانت صرخة إنذار. فقد نقل المستشار قلق الساكنة من “القنابل الموقوتة” المتمثلة في شبكة الصرف الصحي المهترئة التي تهدد بانفجارات واختناقات متكررة.

كما سلط الضوء على الجانب الأمني المرتبط بضعف الإنارة العمومية، واصفاً حال أحياء هامشية تغرق في “ظلام دامس” يشجع على الانحراف، مطالباً بحلول تقنية (LED) وأمنية عبر إحداث مراكز للقرب وتكثيف الدوريات.

الحقوق الدستورية الغائبة: الماء، الصحة، والتنقل

وفي بعد اجتماعي وحقوقي صرف، ذكر فوزي سيدي بأن الحصول على الماء الشروب حق دستوري لا يزال غائباً أو ضعيفاً في بعض الأحياء، مثله مثل الحق في التنقل الذي تحول إلى كابوس لسكان مناطق كـ”ايت ميمون” و”تمزارت” الذين ينتظرون النقل لساعات.

ولم يسلم قطاعا الصحة والتعليم من مشرط التشريح، حيث كشف المستشار عن خصاص مهول في المؤسسات التعليمية بالأحياء الجديدة، وواقع صحي “مريض” يفتقر لطبيب المداومة وسيارات الإسعاف الجاهزة، ناهيك عن التدهور البيئي وانتشار النقط السوداء.

رسالة إلى العامل الجديد: نريد عدالة مجالية لا لقاءات شكلية

إن الخلاصة التي انتهت إليها هذه المرافعة القوية، والتي تعتبر أول اختبار حقيقي للعامل الجديد، هي المطالبة بـ”العدالة المجالية”. لقد أوضح فوزي سيدي، نيابة عن الساكنة، أن زمن اللقاءات الشكلية قد انتهى، وأن المطلوب اليوم هو تنزيل حلول عملية على أرض الواقع، تنسجم مع التوجيهات الملكية الداعية لبرامج تنموية حقيقية.

إن الكرة الآن في ملعب عامل إقليم إنزكان أيت ملول. فقد وُضعت الملفات الحارقة على طاولته بكل مسؤولية ووضوح. والمنتخبون، كما أكد سيدي، مستعدون للانخراط الجاد، لكن بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية للقطع مع ممارسات الماضي، وبدء عهد جديد قوامه العمل، والإنصات، والنتائج الملموسة.

 

هذا وقد عبّر أعضاء المجلس الجماعي بأيت ملول عن ارتياحهم للطريقة الجديدة التي ينهجها العامل الجديد في تدبير الشأن المحلي، مثمنة أسلوبه في الإنصات المباشر، والتفاعل السريع، ورأو  في هذا الانفتاح الإداري مؤشرًا إيجابيًا لبداية مرحلة قد تُعيد الثقة وتفتح المجال أمام حلول واقعية للمشاكل التي طال انتظار معالجتها.

A.Bout

الأخبار ذات الصلة

1 من 826

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *