عقد رشيد المعيفي، رئيس جماعة إنزكان، أمس الجمعة 14 نونبر 2025، ندوة صحفية، قدم خلالها كشف حساب مفصلاً لأداء المجلس، ولم يتوانَ عن تبيان موقفه من عدد من القضايا التي أثارت الرأي العام، أبرزها صفقات المرابد المثيرة للجدل، وموقفه العاطفي من إعفاء عامل العمالة السابق.
إنجاز 100% بـ “جيب الجماعة”: تحدي التمويل الذاتي
افتتح المعيفي الندوة بإعلان لافت، حيث أكد أن “برنامج عمل الجماعة نُفذ بنسبة 100%”. ورغم محدودية الموارد، شدد الرئيس على أن أغلب المشاريع المنجزة في إنزكان تمت بـ”تمويل ذاتي”. هذا الاعتماد على الإمكانيات الذاتية، حسب تصريحه، فرضته عدم استفادة إنزكان من اتفاقيات “سياسة المدينة” الكبرى، ما يضع الجماعة أمام تحدٍ مضاعف لتأهيل البنيات التحتية.
وعبر المعيفي عن رضاه عن مستوى الإنجاز في الأحياء والشوارع، كما أعلن عن برنامج طموح لتأهيل الأحياء الناقصة التجهيز، مثل الجرف وتراست، ليشمل الإنارة والطرق والفضاءات الخضراء، مؤكداً استجابته لمتطلبات فئة الشباب، أو ما أسماه بـ “جيل زد”.
صفقة المرابد: اعتراف بـ “الصداقة” ودفاع عن “الجودة”
شكلت صفقة المرابد الجديدة محور جدل كبير، وهو ما لم يتهرب منه المعيفي. حيث اعترف بوجود علاقة صداقة تجمعه بصاحب الصفقة، لكنه سارع للتأكيد على أن “القرار الجبائي” الذي حكم هذه الصفقة “تمت المصادقة عليه في الولاية السابقة”.
ودافع الرئيس بقوة عن القيمة المضافة لـ “جودة المرابد الجديدة”، معتبراً أنها ضرورية لتنظيم حركة السير. ورغم دفاعه عن الجودة، تحفظ المعيفي بشكل واضح على “الجانب المالي للقرار الجبائي”، ملمحاً إلى أن إطارها المالي قد يكون موضع مراجعة أو تساؤل، مع فصل العلاقة الشخصية عن الإطار القانوني للصفقة.
سوق الجملة: تسوية عقارية ومشاريع توسعة بـ 25 مليون درهم
فيما يتعلق بـسوق الجملة للخضر والفواكه، قدم المعيفي أرقاماً مبشرة، حيث كشف عن استثمار ضخم يبلغ 25 مليون درهم في السوق بعد تعديل دفتر التحملات. هذا الاستثمار مبرمج لتوفير تجهيزات جديدة تشمل: كاميرات مراقبة، ومجهودات مكثفة للنظافة، وتأهيل الطرق الداخلية للسوق.
والأهم من ذلك، أعلن الرئيس عن تسوية الوضعية العقارية للسوق، وهو ما كان يمثل العائق الأكبر، مؤكداً أن هذه التسوية تفتح المجال بشكل رسمي أمام مشروع توسعة السوق الحيوي.
إعفاء عامل العمالة: تأثر ودفاع عن “نزاهة الأستاذ”
احتلت قضية إعفاء عامل العمالة السابق، إسماعيل أبو الحقوق، حيزاً كبيراً من اهتمام الندوة. وأبدى المعيفي تأثراً كبيراً بالقرار، واصفاً العامل المعفى بـ “أستاذه” و “سند الجماعة”.
وشدد الرئيس على نزاهة وحسن تدبير العامل السابق، مشيراً إلى أن التدخلات التي قام بها أبو الحقوق كانت ذات أثر كبير على المنطقة، ومستشهداً بـاستفادة مدينة القليعة من “80 مليار سنتيم” بفضل جهوده. وختم المعيفي حديثه عن هذا الملف بتعبير عن أمله الصادق في أن يتم “إنصافه”.
يمكن القول إن ندوة رشيد المعيفي لم تكن مجرد استعراض للأرقام والإنجازات، بقدر ما كانت محاولة لفتح صفحة جديدة مع الرأي العام، وتقديم قراءة صريحة في ما تحقق وما ينتظر المدينة من تحديات. ورغم ما طبعها من لغة دفاعية في بعض الملفات الحساسة، خاصة صفقة المرابد وقضية إعفاء عامل العمالة السابق، فقد حرص الرئيس على إبراز منجزات تحققت بإمكانيات ذاتية في سياق مالي ضاغط.
وتبقى الوعود المرتبطة بتأهيل الأحياء، وتوسعة سوق الجملة، وتحسين جودة الخدمات، رهينة بقدرة الجماعة على الحفاظ على نفس الإيقاع وعلى استثمار ما توفره المرحلة المقبلة من فرص. وبين ضغط الانتظارات الشعبية، وتعقيدات التمويل، وتراكم الملفات العالقة، سيظل المواطن الإنزگاني هو البوصلة الحقيقية لقياس مدى صدق الوعود وفعالية التدبير. أما التنمية المنشودة، فستظل في حاجة إلى رؤية واضحة، وإرادة صلبة، وشفافية دائمة تُعيد الثقة وتُثبت أن الخطاب يمكن أن يتحول فعلًا إلى واقع.













