الشعارات الفارغة ومبادرات المغرب الواقعية: دروس في السياسة والفاعلية

أظهر مقال نشره موقع الشروق أمس الأحد 7 شتنبر 2025، بعنوان “فتح الموانئ الجزائرية أمام دول الساحل يعري حسابات المبادرة الأطلسية”، بجلاء أسلوب الطغمة العسكرية الجزائرية في إدارة ملفها الإفريقي، في حين حاول النظام الجزائري تقديم مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون على أنها خطوة جريئة لدعم الدول الحبيسة في إفريقيا، فإن الحقيقة الواقعية تكشف عن محدودية هذا الطرح، وأنه في جوهره مجرد محاولة لتقليد المغرب والركض وراء نجاحاته، لا أكثر.

إن المبادرة الجزائرية، وفق المقال، تقوم على فتح الموانئ وربطها بالسكك الحديدية، بالإضافة إلى تعزيز النقل الجوي نحو دول الساحل، لكن كل هذه المشاريع لا تتجاوز خططاً على الورق، أو خطوات أولية غير مكتملة، في حين أن المغرب نفذ بالفعل سلسلة من المشاريع الاستراتيجية الملموسة ضمن ما يعرف بالمبادرة الأطلسية، مع نتائج حقيقية على الأرض.

إن البنية التحتية المغربية في الموانئ والطرق والسكك الحديدية، إضافة إلى برامج التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع دول إفريقيا، جعلت المملكة شريكا فاعلا يمكن الاعتماد عليه، بعكس الجزائر التي لم تقدم أي مشروع استراتيجي ملموس يحقق الأثر المطلوب.

يكشف التحليل الواقعي لمبادرات النظام الجزائري جانبا آخر خطيرا: ما يحرك “الكابرانات” في الجزائر ليس مصلحة وطنية أو رؤية اقتصادية أو استراتيجية، بل الحقد والضغينة المعلنة ضد المغرب، كل خطوة أو تصريح إعلامي جزائري مرتبط بالمغرب يظهر هذا النمط بوضوح؛ المبادرة الأطلسية المغربية تنفذ على الأرض، فيما الرد الجزائري يقتصر على البيانات والاعلانات الإعلامية والشعارات الرنانة، دون أي فعل ملموس.

وإذا أمعنا النظر في ما جاء في مقال الشروق، لسان حال المخابرات العسكرية الجزائرية، سنلاحظ أن التركيز على موانئ مثل جيجل والحمدانية وتحويلها إلى ولايات جديدة لم يتعد كونه “ديكورا إعلاميا” لتحسين صورة النظام العسكري أمام الداخل الإفريقي والجزائري.

بينما المغرب لا يحتاج إلى مثل هذه المسرحيات، لأنه يملك سجل إنجازات حقيقية، مبادرات اقتصادية واستراتيجية تعمل على الأرض وتستجيب فعليا لحاجيات الدول الإفريقية وشركاء المغرب.

ويؤكد الخبراء أن المحاولات الجزائرية لتعطيل المبادرة الأطلسية المغربية عبر المزايدات الإعلامية لن تنجح، فحتى دول مثل موريتانيا أدركت أن الحسابات الجزائرية وراء هذه المبادرات لا تتجاوز الطابع السياسي والمزايدة على الرباط، وبالتالي رفضت الاندماج في أي من هذه المبادرات التي تهدف في الواقع إلى ضرب المغرب وليس تقديم خدمة حقيقية للدول الإفريقية.

الأمر لا يقتصر على ضعف التنفيذ، بل يمتد إلى الطبيعة نفسها للنظام العسكري الجزائري، الذي يفتقر إلى القدرة على الابتكار والمبادرة الحقيقية، كل ما يقوم به هو الرد الفوري على تحركات المغرب، محاولة تقليد مبادراته، وتصوير نفسه على أنه لاعب إقليمي، في حين أن الواقع يفضحه.

وهذا النمط ينعكس أيضا على سياسات الجزائر في ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث تظل كل التحركات الجزائرية مجرد محاولات لإحباط المغرب وممارسة ضغوط سياسية دون أي أثر ملموس على الأرض.

الدرس الأبرز من هذه المعركة الإعلامية والسياسية هو الفرق بين الدول التي تعتمد على التخطيط والتنفيذ الواقعي، وبين الدول التي تعتمد على الشعارات الفارغة والمزايدة السياسية. المغرب يواصل تنفيذ مبادرات استراتيجية واقعية تحدث أثرا ملموسا في إفريقيا، بينما الجزائر تظل أسيرة حقدها وماضيها العسكري، محكومة بمقولة “رد الفعل فقط”، دون أي قدرة على وضع رؤية واضحة أو مشاريع مستدامة.

إن ما يحرك النظام الجزائري هو الضغينة السياسية، وافتقار القيادة إلى المبادرة الحقيقية والشفافية في العمل، وأن الشعارات الرنانة والبيانات الصحفية الكبيرة لن تغطي على هذا الواقع، ولن تمكن الجزائر من اللحاق بالمغرب الذي أصبح نموذجا في الاستراتيجية الواقعية والفاعلية الإقليمية.

الأخبار ذات الصلة

1 من 428