التنازلات الوهمية… حيلة المنتخبين للهروب من الضرائب وتكديس الثروات

استنفرت تقارير مرفوعة من أقسام “الشؤون الداخلية” إلى الإدارة المركزية، السلطات الولائية والإقليمية بجهات الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة، بعد كشف معطيات خطيرة عن تورط مستشارين جماعيين، أعضاء مجالس، وموظفين، في عمليات مضاربة عقارية واسعة داخل مناطق نفوذهم.

ووفق مصادر مطلعة، فقد رصدت التقارير حجز بقع أرضية شاسعة، تجاوزت مساحة بعضها 120 هكتارًا، لفائدة حلفاء سياسيين وأقارب، قبل إعادة بيعها عبر آلية “التنازل” (Désistement)، محققين أرباحًا ضخمة دون أداء أي رسوم أو ضرائب لخزينة الدولة. هذه العمليات جرى التغطية عليها من خلال وسطاء أشرفوا على تمرير البقع لمشترين متتاليين، قبل إبرام العقود النهائية أمام موثقين، ما أضفى على المعاملات صبغة قانونية شكلية.

التقارير أشارت إلى بؤر مضاربة ساخنة، أبرزها بالملحقة الإدارية الثانية بجماعة الدروة بإقليم برشيد، على مقربة من مشروع “المسيرة”، حيث تستعد السلطات لإيفاد لجنة بحث لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات القانونية.

وتأتي هذه التحركات بالتوازي مع مراجعات ضريبية استهدفت مضاربين يُعرفون في السوق بـ”الشناقة”، ينشطون بضواحي الدار البيضاء ومدن كبرى، بعد اكتشاف تحايلهم في البيع وإخفاء المعاملات عن مصالح المراقبة الجبائية، عبر حجز وتفويت بقع باستعمال سندات الحجز (Bons de réservation).

كما كشفت تبادل المعطيات بين مصالح الضرائب، أقسام التعمير بالجماعات، والوكالات الحضرية، عن آلاف البقع المحجوزة وغير المبنية منذ أشهر، إضافة إلى تلاعبات في التصريحات الضريبية لمنعشين ومجزئين، بهدف تفادي الضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية (TPI).

وتبين أن بعض الرؤساء والمنتخبين حجزوا عشرات البقع مقابل مبالغ مسبقة تصل إلى 3% من قيمة العقار، ثم تنازلوا عنها لاحقًا مقابل أرباح إضافية، في صفقات مكنتهم من جني مكاسب تفوق أحيانًا أرباح المجزئين الأصليين، وكل ذلك خارج المراقبة الجبائية.

كما سجلت التقارير تورط مجزئين-مضاربين في شراء مساحات واسعة من الأراضي الفلاحية أو السكنية خارج أي إطار قانوني، والمضاربة فيها لفائدة أطراف أخرى، خصوصًا في التجزئات الجديدة، مقابل عمولات مالية ضخمة.

بهذا، تتحول القضية إلى ملف ساخن يهدد بإسقاط أسماء وازنة في المشهد المحلي، وسط ترقب لما ستسفر عنه لجان البحث والتحقيقات الجارية.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 337

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *