برز المغرب خلال السنوات الأخيرة كفاعل رئيسي في سوق الأسمدة الآسيوية، وذلك بفضل قدراته الإنتاجية الهائلة في مجال الفوسفاط ومشتقاته، حيث أصبح أحد أهم الموردين للهند، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، والتي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتأمين حاجياتها الزراعية من الأسمدة.
وأكدت الحكومة الهندية، على لسان وزيرة الدولة المكلفة بشؤون الصحة والأغذية، أنوبريا باتيل، أمام البرلمان، أن المغرب يُعد من بين الدول الأساسية التي تزود الهند بالأسمدة القابلة للذوبان في الماء، إلى جانب الصين، بلجيكا، مصر، ألمانيا، والولايات المتحدة، ويستخدم هذا النوع من الأسمدة، الذي يعتبر أكثر تكلفة مقارنة بالأسمدة التقليدية، بشكل رئيسي في تسميد المحاصيل البستانية عبر أنظمة الري بالتنقيط والرشاشات.
ووفق الأرقام الرسمية، بلغ الاستهلاك السنوي للهند من هذه الأسمدة خلال السنة المالية 2023-2024 حوالي 335 ألف طن، وهو ما يبرز أهمية الموردين الموثوقين مثل المغرب، خاصة في ظل اضطراب الإمدادات العالمية. وتأتي هذه الثقة في وقت تراجعت فيه صادرات الصين من بعض أنواع الأسمدة الخاصة إلى الهند، وهو ما خلق تحديات كبيرة أمام المزارعين الهنود وأجبر الشركات على البحث عن بدائل استراتيجية أكثر استقرارا.
وفي هذا السياق، وقع عدد من المستوردين الهنود اتفاقيات توريد كميات كبيرة من الأسمدة، خاصة فوسفاط الأمونيوم الثنائي (DAP) وأسمدة “NPS” و“TSP” مع كل من المغرب والسعودية. وأكدت مصادر إعلامية متخصصة في الشأن الزراعي أن ستة مستوردين هنود أبرموا اتفاقية مع المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) للحصول على 1.5 مليون طن من سماد DAP، ومليون طن من سماد TSP، مما يعزز موقع المغرب كمورد رئيسي وموثوق للأسمدة عالية الجودة في آسيا.
ويُذكر أن الهند لم تستورد أي كميات من سماد TSP من أي بلد آخر منذ بدء عملية التوريد من المغرب في يونيو 2024، وهو ما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين نيودلهي والرباط في مجال الأمن الغذائي وسلاسل التوريد الزراعية.
ويسهم هذا الدور المتنامي للمغرب في ترسيخ مكانته العالمية كمركز محوري في إنتاج وتصدير الفوسفاط ومشتقاته، كما يعكس النجاح المستمر للمكتب الشريف للفوسفاط في تلبية الطلب العالمي المتزايد، خاصة في الأسواق الآسيوية ذات الكثافة السكانية العالية مثل الهند، حيث يعد الأمن الغذائي من القضايا الاستراتيجية الكبرى.
وتؤكد هذه المؤشرات أن المغرب لا يكتفي فقط بتعزيز مكانته في السوق الإفريقية والأوروبية، بل يتجه بثبات نحو الريادة في أسواق آسيا، وهو ما يفتح آفاقا جديدة لتنويع الشراكات وتحقيق مكاسب اقتصادية وتنموية مهمة.