في العديد من المدن، أصبحت الصيدليات تلجأ إلى استخدام الشباك الحديدي خلال مناوبات الحراسة، وهو إجراء يهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز الأمن وحماية العاملين من مخاطر السرقة أو الاعتداءات، لكنه في المقابل يحد من الدور الحيوي للصيدلاني كمستشار صحي. فبدلاً من تقديم النصائح الطبية والإرشادات حول استخدام الأدوية، يتحول الصيدلي إلى مجرد بائع يمرر الدواء عبر فتحة صغيرة، مما قد يؤثر على صحة المرضى وسلامتهم.
أهمية التواصل المباشر بين الصيدلي والمريض
لطالما كان الصيدلاني حلقة الوصل بين الطبيب والمريض، حيث يقدم إرشادات مهمة حول الجرعات المناسبة، والتفاعلات الدوائية المحتملة، وطريقة الاستخدام الصحيحة للأدوية. غير أن الاعتماد على الشباك الحديدي ليلاً يُفقد المريض هذه الخدمة الأساسية، مما يزيد من احتمال سوء استخدام الدواء، خاصة بالنسبة لكبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تتطلب متابعة دقيقة.
أسباب اللجوء إلى الشباك الحديدي
يعزو أصحاب الصيدليات هذا الإجراء إلى دوافع أمنية بحتة، إذ تتعرض بعض الصيدليات لحالات سرقة واعتداءات، خاصة في المناطق المعزولة أو ذات معدلات الجريمة المرتفعة. كما أن قلة أعداد الصيادلة الراغبين في العمل ليلاً تزيد من صعوبة تقديم خدمة متكاملة، ما يدفع البعض إلى الاكتفاء ببيع الأدوية عبر النوافذ الآمنة.
بين الضرورة والواجب المهني
رغم تفهم الدوافع الأمنية، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب جودة الرعاية الصحية. فالصيدلي ليس مجرد بائع أدوية، بل هو جزء أساسي من المنظومة الصحية، ودوره لا يقل أهمية عن دور الطبيب في ضمان سلامة المرضى. لذا، لا بد من البحث عن حلول بديلة تحافظ على الأمن دون التضحية بالخدمة الصحية.
حلول مقترحة لتحسين الخدمة الليلية
تعزيز الإجراءات الأمنية: يمكن استبدال الشباك الحديدي بكاميرات مراقبة حديثة، وأجهزة إنذار، أو حتى حراس أمن في المناطق التي تتطلب ذلك.
إنشاء مناطق آمنة داخل الصيدلية: بحيث يتمكن الصيدلي من تقديم استشارات سريعة دون تعريض نفسه للخطر.
استخدام التكنولوجيا: مثل الشاشات التفاعلية أو تطبيقات التواصل الفوري التي تسمح للصيادلة بتقديم الإرشادات عن بُعد.
تنظيم دوام الصيدليات: عبر توزيع المناوبات الليلية بشكل متوازن بين الصيدليات في المنطقة، بحيث تقلل من المخاطر المرتبطة بعمل الصيدليات الفردية في أوقات متأخرة.
يبقى التحدي الأكبر في تحقيق توازن بين حماية الصيدليات والعاملين فيها من المخاطر، وبين ضمان حصول المرضى على الرعاية الصحية التي يحتاجونها. فالتخلي عن الدور الإرشادي للصيدلاني لصالح بيع الدواء فقط ليس حلاً مستدامًا، بل قد يزيد من المخاطر الصحية على المجتمع. لذا، فإن تطوير حلول بديلة تضمن الأمن مع الحفاظ على جودة الخدمة الصحية يجب أن يكون أولوية لصناع القرار والجهات المعنية بتنظيم القطاع الصيدلاني.
A.Bout