قبيلة تركز تحيي موسمها الديني

احتضنت جماعة عوينة الهنا التابعة مجاليا لإقليم اسا الزاك خلال  11 و 12 غشت 2022 فعاليات الموسم السنوي لقبيلة تركزأولادا دغمني تحت شعار “تركز التاريخ و الارض” بتنظيم من جمعية زاوية اولاد ادغمني للتنمية و التقافة بدعم من مجلس قبيلة تركز والمجلس الجماعي لعوينة لهنا وبتنسيق مع مؤسسات قطاعية إقليميا وجهويا.

برنامج الموسم شتمل  فقرات متنوعة بطابعها الديني والتراثي إلى الجانب الفني والرياضي أيضا ، في محطة تختتم بشعيرة نحرالناقة بحضور مختلف المكونات القبلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة تأكيداعلى عمق روابط الأخوة المتينة عبرالتاريخ في مابينها.


وتهدف اللجنة التنظيمية من وراء تخليد هذاالموعد الديني إلى التعريف بالخصوصيات المجالية والثقافية التي تزخربها الجماعة والتعريف بها في أفق الانخراط في مسلسل التنمية التي تشهده المنطقة بانخراط جميع المؤسسات على اختلافها ، علاوةعلى إشراك جالية المنطقة بالخارج ، فيوضع بذلك تصورات عملية هادفة إلى الإرتقاء بالجماعة وزرع الإرتباط بها.

قبيلة تركز دأبت على تنظيم موسمها السنوي بعوينة تركز على غرار باقي القبائل الصحراوية، وذلك في الثاني عشر من غشت من كل سنة، وهناك من يربط تاريخ بداية تنظيم هذا الموسم بدخول المستعمر الفرنسي إلى عوينة تركز سنة 1934 الذي كان ممثله آنذاك الضابط لاتور .
وقد حاولت السلطات الفرنسية عندئذ تجميع فصائل قبيلة تركز من داخل المغرب نظرا لهجرة هؤلاء نحو وسط وشمال المغرب بسبب توالي سنوات الجفاف وكذا الحروب ن فنجد الكثير من المجموعات التركزية استقرت باجبيل بحوز مراكش وبأكادير والدار البيضاء وكشكاط (اليوسفية) وخربيكة وعين لالة حاية (أولماس) ونصبوا خيامهم هناك إلى يومنا هذا وحتى تضمن القبيلة توحيد صفوفها ولم شملها، أسست موسمها السنوي المعروف بموسم أو زيارة (أولاد إدَغْمَنِّي)، هذا الموسم ذو الطابع الديني الاجتماعي والاقتصادي لما له من فائدة على سكان المنطقة، أما عن كيفية الاعداد للموسم والظروف التي يمر بها، فيتم الإعداد له قبل انطلاقه بحوالي ثلاثة أشهر، بحيث يتكلف كل شيخ من شيوخ القبيلة –كل حسب المدينة القاطن بها- بجمع المال وإخبار أفراد القبيلة بدنو وقت الموسم، وأول ما يتم اقتناؤه “النحيرة” وهي الجمل او الناقة، بحيث تنحر الأولى فجرا من يوم الموسم والثانية في العاشرة صباحا بعد صلاة الضحى، وذلك يتم أمام الحضور المتحلق حول “النحيرة” متلهفا لرؤيتها، وهي تنحر، ويأبى الحاضرون إلا أن يأخذوا لهم صورا تذكارية بجانب الجمل (النحيرة) لتخليد هذا اليوم الذي يعز في نفوس أفراد القبيلة، وكذا لمكانة الجمل في حياة الإنسان الصحراوي عامة.
أما عن الأجواء داخل الكور (الزاوية) حيث يجتمع الزوار من أفراد القبيلة، سواء منهم القاطنين أو الوافدين من الخارج لقضاء العطلة الصيفية مع ذويهم، فيتم الترحيب بكل هؤلاء إلى جانب بعض ممثلي باقي القبائل المجاورة وداخل هذه القاعة (الزاوية) الفسيحة ينتشر كل هؤلاء حسب ثلاثة جوانب، فالجانب الأيمن للداخل يخصص للرجال، والجانب الأيسر للسناء، اما الجانب المقابل للمدخل فيخصص للأعيان من أفراد القبيلة، وبعض ممثلي القبائل المجاورة، وفوق المنصة بوسط الكور تتلى آيات من الذكر الحكيم يستهل بها افتتاح نشاط الموسم، ثم يتبادل أعيان القبيلة عبارات الترحيب بالحضور، كما تلقى نبذة عن تاريخ القبيلة ويلقي بعض شعراء القبيلة قصائد شعرية. وفي نهاية نشاط الموسم يتم تكريم طلبة أو محاضير الكتاتيب القرآنية من خلال منحهم جوائز تشجيعية لحثهم على المزيد من التحصيل، وكذا للحفاظ على هذا النوع من التعليم التقليدي الذي لا يزال صامدا أمام منافسة التعليم العصري له والذي يحظى هو كذلك تلامذته ببعض الجوائز المكونة من محفظات وكتب مدرسية، كما تكون المناسبة فرصة لمناقشة وتدارس شؤون وأحوال القبيلة، ومن بينها ظروف بعض المعوزين الذين تجمع لهم بعض الإعانات المالية من خلاللا تبرعات أفراد القبيلة خاصة المهاجرين منهم والتي يوضع نصيب منها في الصندوق المالي للقبيلة.
كما ينظم بمنطقة تماعيت بأكادير موسم سنوي ديني والتي يوجد بها ولي صالح “سيدي المهدي” الذي يتبرك به أهل المنطقة، بحيث يجتمع بالموسم أفراد القبيلة المنتشرين بمختلف العمالات والجهات لولاية أكادير، وذلك للتعارف وصلة الرحم.
وقد حظيت مواسم قبيلة تركز هذا العام بزيارة لإحدى وسائل الإعلام الجهوية، وهي تلفزة العيون الجهوية التي قامت بتغطية لأجواء وظروف موسمي تركز كما قدمت برنامجا (جولة خاصة) حول تاريخ قبيلة تركز كما يصادف تنظيم هذه المواسم نشاط بعض الصناعات التقليدية كصناعة الآواني النحاسية التي يعرضها أصحابها للبيع والمكونة من “فرنات” أو “مجامير” و “مبخرات” والتي أبان من خلالها الصانع التقليدي التركزي الذي يسمى “بالمعلم” عن حسن إبداعه وتفننه، بالإضافة إلى تجارة أو صناعة النسيج التي تتألف من “الملاحف” و”الدراريع” التي تعرضها النسوة على الزوار.
وعموما وبغض النظر عن الطابع القدسي الديني لهذا النوع من المواسم التي يرى رواد زواياها من خلال زيارتهم لها مجلبة للتيسير والخير وفوائد كثيرة بتبركهم بأولياء وأضرحة هذه الزوايا، مع العلم ان ضريح جد قبيلة تركز غير موجود بالمنطقة هو ما تأكد لنا من خلال زيارتنا لعوينة تركز حيث يقام الموسم السنوي للقبيلة، بيد أن هاته المواسم تظل مناسبة لإحياء صلات الرحم وتوثيق عرى المحبة ونبذ المشاحنات والمصالحة بين الأفراد من داخل وخارج القبيلة، هذا على المستوى الاجتماعي، أما على المستوى الاقتصادي فتكون مناسبة كذلك لإحياء بعض الحرف التقليدية وكذا تنشيط الحركة التجارية وقطاع المواصلات (لاندروفير) بالمنطقة.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬275