لعقود ظلت جماعة سيدي عبد الله البوشواري، الواقعة بالدائرة الجبلية لإقليم اشتوكة آيت باها، تئن تحت وطأة التهميش الذي طال مختلف مناحي حياة ساكنة هذه الجماعة، فكانت التنمية تسير بسرعة السلحفاة. إذ رغم المؤهلات الكثيرة التي تزخر بها، ورغم الخصاص المهول في المجال التنموي، خاصة في قطاعات بعينها ذات ارتباط وطيد بالمعيش اليومي والخدماتي لقاطني هذه الجماعة، كان قطار التنمية يسير عكس انتظارات الساكنة.

ومن غير أن يحتاج المرء إلى ولوج أزيد من 100 مدشر ودوار مشكل لهذه الجماعة، تكفي زيارة مركزي سيدي عبل وخميس آيت موسى ليقف الزائر على حجم التأخر في اللحاق بركب التنمية التي وصلت مستويات متقدمة بجماعات مجاورة، وكأن عقودا من التدبير الجماعي لم تستطع ترك بصمة تنموية على هذه الرقعة، وقد تشكل الأمل خلال ولايتين انتدابيتين سابقتين قبل أن ينجلي ويتحول إلى سراب.
محمد المومني، فاعل جمعوي بالمنطقة، قال في تصريح للجريدة إن جماعة سيدي عبد الله البوشواري “شهدت هدرا للزمن التنموي، إذ منذ انفصالها عن جماعة آيت واد ريم سنة 1992، في إطار تقسيم إداري، لم تستطع أن تبلور رؤى واضحة المعالم لتنمية كافة تراب الجماعة، بل ساهم مدبرو الشأن المحلي حينها، ولعقود، في قبر كل مساع للنهوض بأوضاع التنمية، وباستثناء تدخلات القطاعات والمصالح الخارجية للدولة، لأصبحنا اليوم نعيش في العهود الغابرة”.

وتابع الفاعل الجمعوي ذاته قائلا: “الساكنة التقطت الإشارة، فكان أملها في التقدم في سلم التنمية، وعمدت إلى تزكية مجلس جماعي دبر ولايتين متتاليتين، لكن بمنسوب تنمية ظل محدودا وغير مقنع، بل تعمقت الفوارق المجالية وساد اللا تكافؤ التنموي بين مركزي سيدي عبل وآيت موسى، وبين كافة دواوير الجماعة. انضاف إلى ذلك ضعف الترافع حول قضايا ذات أهمية بالنسبة إلى الساكنة كالصحة والطرق وقطاع الشباب والرياضة والماء الشروب وغير ذلك”.
أما محمد الروداني، الرئيس الحالي لجماعة سيدي عبد الله البوشواري، فقال، في تصريح أدلى به للجريدة، “أشير بداية إلى كون الدينامية التي تشهدها الجماعة اليوم راجعة إلى رغبتنا في حل بعض المشاكل المستعجلة التي ظلت سنوات دون حلول، رغم أن الجميع يعرف أن السنة الأولى من انتداب كل مجلس جماعي هي لدراسة وفهم الإكراهات والمعيقات التي تحول دون إيجاد حلول لمشاكل الساكنة، أي أنها سنة التفكير والتخطيط ووضع برنامج عمل الجماعة، الذي أنجزناه في ظرف قياسي، وهو ما مكننا من مباشرة مجموعة من المشاريع التي أعطيت انطلاقتها، والبعض الآخر سيعرف طريقه للانطلاق عما قريب”.

ولم تكن جماعة سيدي عبد الله البوشواري بمعزل عن جماعات يطغى عليها الطابع الجبلي، والتي تدخل الحاجة إلى المسالك الطرقية والماء الشروب ضمن الأولويات التي ما فتئت تعبر عنها الساكنة. وفي هذا الصدد يقول الروداني إنه على مستوى الأولويات “نجد معطيين أساسيين يتمثلان في نقص حاد على مستوى الشبكة الطرقية، بالإضافة إلى المياه الصالحة للشرب، حيث قمنا على مستوى برنامج عمل الجماعة بوضع مجموعة من المشاريع، سواء التي سيتم تمويلها من الميزانية الجماعية أو التي سيتم الترافع عنها، واتخذ المجلس مقررات عديدة يتم تتبع تنفيذها عن كثب، وأكيد يلزم الصبر ومنح المجلس الجماعي ومصالحه بعض الوقت قصد حلحلة كافة المشاكل التي تعيشها الجماعة”.
وإذا تأخرت جماعات عديدة، سهلية وجبلية باشتوكة آيت باها، في تنزيل مشاريع التطهير السائل، فإن جماعة سيدي عبد الله البوشواري كانت السباقة، على الأقل بالدائرة الجبلية، فكان المشروع قيمة مضافة وانطلاقة لمشاريع التهيئة والتأهيل. وفي هذا السياق اعتبر الروداني أن “التطهير السائل يعد أحد أهم المشاريع التي تعرفها الجماعة، حيث تم مؤخرا إطلاق الصفقة الثانية الخاصة بهذا المشروع قصد استكماله، خاصة أننا عملنا، منذ تولينا مسؤولية رئاسة الجماعة، على الإسراع بربط المنازل السكنية بهذه الخدمة. أما محطة المعالجة فإن طريقة اشتغالها هي التجربة الثانية على مستوى المغرب، إذ تتم تصفية المياه العادمة على عدة مراحل بنسب تتجاوز 60 بالمائة، مما يجعلها مياها قادرة على سقي المساحات الخضراء المزمع تشييدها بمركز الجماعة، خاصة امام ندرة المياه التي تشهدها بلادنا”.

مؤهلات ثقافية وإيكولوجية وتراثية وسياحية متعددة، تلك التي تزخر بها هذه الجماعة. وبخصوص “فن أجماك، فقد تم تخصيص منحة سنوية من أجل النهوض بهذا الفن. وتتوفر الجماعة على مجموعة من المآثر والفضاءات السياحية التي يمكن أن تجعل المنطقة من الوجهات السياحية مستقبلا، كقصر بولبارود، وقصبة أكادير نتريمت، وواحات خميس آيت موسى، فضلا عن تواجد شجرة أركان، بالإضافة إلى غطاء نباتي متنوع، مما يساهم في إمكانية خلق فرص عمل لشباب المنطقة، خاصة أننا نلتزم بدعم أي فكرة شبابية تطمح إلى الاستثمار بالمنطقة، سواء على شكل تعاونيات أو مقاولات أو غير ذلك من المشاريع”، يورد المسؤول المنتخب.
وفيما يتعلق بعدم تكافؤ سرعة التنمية بين مركزي سيدي عبل وآيت موسى، نفى رئيس الجماعة ذلك، مشيرا إلى أن الأمر ينفيه الواقع. وأبرز أن “الاشتغال يكون بعيدا عن الانتماء القبلي أو الحزبي، والمجلس الجماعي منفتح على الجميع، وقد تدخلنا منذ انتخابنا لحلحلة عدد من القضايا في آيت موسى كخدمات فرع الجماعة والماء الشروب والإنارة العمومية وتخصيص اعتمادات لبناء مسالك طرقية وبناء ملعب للقرب ودعم أنشطة رياضية وغير ذلك. وبالتالي، فمنطق الإقصاء لأي دواع غير وارد في مخططات عملنا”.
هي إذن جماعة من بين جماعات قليلة شرعت في الرفع من سرعة التنمية. ففي أقل من سنة، حسب إفادات من المنطقة، لفتت الأوراش المفتوحة انتباه متتبعي الشأن المحلي، في ظل سياسة تواصلية شفافة ينهجها المجلس الجماعي، لتبدأ هذه الرقعة في صعود سلم التنمية بدعم من السلطة الإقليمية والمحلية والمصالح القطاعية للدولة. وفي هذا الصدد يقول رئيس الجماعة: “كل الشكر والامتنان، باسمي وباسم كافة ساكنة الجماعة، لعامل الإقليم على مبادراته النوعية في سبيل الرقي بالتنمية على مستوى تراب الجماعة، وأعيدها مجددا، قليل من الصبر وسيتم إن شاء الله حل كافة المشاكل التي تعانيها هذه الجماعة”.
ر بيجيكن