مع اقتراب انطلاق الدورة الـ35 من نهائيات كأس إفريقيا للأمم، المقررة مساء اليوم الأحد 21 دجنبر 2025 بالمغرب، برزت إلى السطح قضية مثيرة للجدل تتعلق بالاستعانة بالمؤثرين و”الفايسبوكيين” في التغطية الإعلامية للحدث. هذه القضية لم تمر مرور الكرام، بل أثارت نقاشاً واسعاً داخل الوسط الصحفي، الذي يرى أن مكانته التاريخية والمهنية باتت مهددة أمام موجة جديدة من “التسويق الرقمي” الذي يقدّم عدد المتابعين على حساب الكفاءة والخبرة.
كل الترتيبات التي سبقت محطة الانطلاق تؤكد أن الجهة المنظمة منحت للمؤثرين مكانة أكبر بكثير من الصحفيين. كيف لا، وهم يفتقرون للتكوين الإعلامي اللازم ولأبسط قواعد المهنية الصحفية، لكنهم يمتلكون ما يعتبره المنظمون “السلاح السحري”: أرقام المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي. الهدف من هذه المكانة ليس نقل الحقيقة أو تحليل مجريات البطولة، بل الاكتفاء بالمدح و”التطبيل”، بما يخدم صورة المسؤولين والجهات المنظمة أمام الرأي العام.
في المقابل، لا يمكن للصحفي أن ينسلخ من مهنيته مائة بالمائة، ولا أن يتحول إلى أداة دعائية صرفة. لذلك، انتاب جناح الصحفيين الغضب والقلق من الأهمية الكبرى التي منحها المنظمون للمؤثرين، معتبرين أن هذا التوجه يهمّش دور الإعلام المهني ويضعف قيمة التحليل والتغطية الرصينة التي اعتاد الجمهور على متابعتها.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: كم هو الغلاف المالي المخصص للمؤثرين مقابل تغطيتهم لمجريات كأس إفريقيا للأمم في هذه الدورة؟ هل يعقل أن تُصرف ميزانيات ضخمة على محتوى سطحي يفتقر إلى العمق، بينما يُترك الصحفيون، أصحاب الخبرة والتكوين، في الهامش؟ هذا السؤال يفتح باباً واسعاً حول أولويات المنظمين، وحول مدى احترامهم لمبدأ الشفافية في تدبير الأموال العمومية المرتبطة بتنظيم حدث قاري بهذا الحجم.
هكذا يتحول كأس إفريقيا المنظمة بالمغرب إلى ساحة صراع علني بين الصحفيين والمؤثرين، صراع لا يتعلق فقط بالصلاحيات في التغطية الإعلامية، بل أيضاً بمكانة كل طرف في صناعة الرأي العام. المؤثرون يملكون الأرقام، أما الصحفيون فيملكون المهنية. وبين هذا وذاك، يبقى السبب المباشر لهذا التوتر هو المنظمون الذين اختاروا أن يضعوا “التسويق الرقمي” فوق المهنية الصحفية، في خطوة قد تكون لها انعكاسات طويلة الأمد على صورة الإعلام الوطني.
A.Bout












