مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، يعود إلى الواجهة نفس المشهد المتكرر الذي خبرته ساكنة إقليم اشتوكة آيت باها في كل محطة انتخابية: وجوه غابت لسنوات عن البرلمان وعن الإقليم، لم تُسجل لها أي حصيلة تذكر، تعود اليوم بابتسامات عابرة وصور في مهرجانات مناسباتية، وكأنها لم تكن السبب في ضياع فرص تنموية ثمينة وإهدار زمن تنموي كامل.
لقد خبرت الساكنة جيداً نتائج التصويت بالعاطفة أو تحت تأثير الوعود البراقة. سنوات من التراكم أظهرت كيف تحوّل الإقليم إلى ضحية لسياسيين استباحوا أراضيه، وبدّدوا أمواله العامة، وتركوه متأخراً عن ركب التنمية. فهل يُعقل أن يُكافأ من كان جزءاً من المشكلة بفرصة جديدة ليعيد إنتاج نفس السياسات الفاشلة؟
اليوم، ومع ارتفاع منسوب الوعي لدى المواطنين، لم يعد من الممكن تلميع صورة برلماني أو منتخب غائب عبر بضع حفلات أو مهرجانات. فذاكرة الناخبين ليست قصيرة كما يظن البعض، بل باتت قادرة على ربط الغياب الطويل بالإهمال، والوعود المكررة بالخيبات المتراكمة.
المطلوب اليوم من ساكنة اشتوكة آيت باها أن تتعلم من دروس الماضي، وأن تضع مصلحتها فوق كل اعتبار، بعيداً عن العواطف أو الحسابات الضيقة. فالصوت الانتخابي أمانة، وإهداره على وجوه استهلكت رصيدها هو مساهمة مباشرة في استمرار التهميش.
إن لحظة الاقتراع المقبلة ليست مجرد حدث عابر، بل هي فرصة لتصحيح المسار، واختيار ممثلين حقيقيين قادرين على الدفاع عن الإقليم وقضاياه، بدل الانخداع بمسرحيات انتخابية جديدة. فالتغيير يبدأ من وعي الناخب، ومن قدرته على معاقبة من نهب وخذل، ومكافأة من يملك مشروعاً واضحاً ورؤية تنموية صادقة.