أثارت وفاة طفل بدوار الحجاج، التابع لجماعة سبت الكردان بإقليم تارودانت، يوم الأحد الماضي، إثر لسعة عقرب سامة، موجة من الغضب والاستياء، وأعادت فتح النقاش حول هشاشة البنية الصحية في المناطق القروية، وخصوصاً ضعف التجهيزات الطبية، وغياب الأمصال والإسعاف الاستعجالي.
وبحسب مصادر محلية، فقد ظهرت على الطفل أعراض التسمم بعد لسعة العقرب، ليتم نقله بشكل مستعجل إلى أقرب مركز صحي، إلا أن غياب المصل المضاد وضعف الإمكانيات حالا دون إنقاذ حياته، ليفارق الحياة بعد انتشار السم في جسده.
وتأتي هذه المأساة بعد أيام قليلة فقط من وفاة طفل آخر بدوار تسكينت بجماعة إكيدي، إثر لدغة أفعى، في مشهد يعكس العجز المستمر في التعامل مع الحالات الطارئة في المناطق النائية، خاصة في ظل تأخر سيارات الإسعاف، ونقص المعدات الطبية الأساسية.
وفي تعليقه على الحادث، أكد مصدر من وزارة الصحة أن معظم حالات الوفاة ترجع إلى التأخر في نقل المصابين نحو المستشفيات المجهزة. وأوضح أن المراكز الصحية القروية لا تتوفر عادة على الأمصال المضادة، بسبب حساسيتها وكلفتها العالية، إضافة إلى شروط التخزين الصارمة، ما يجعل استعمالها محصوراً في المستشفيات الكبرى وتحت إشراف طبي خاص.
أما بخصوص لسعات العقارب، فقد نفى المصدر وجود مصل فعّال معترف به علمياً، موضحاً أن البرتوكول العلاجي يعتمد على أدوية ضد الالتهاب والحمى والغثيان، وهي متوفرة غالباً في المراكز الصحية.
ووفق معطيات رسمية، فقد سُجلت بجهة سوس ماسة خلال سنة 2024 حوالي 2500 حالة لسعة عقرب، بمعدل وفيات بلغ 0.077%، إلى جانب 28 حالة لدغة أفعى تسببت في وفاة واحدة، وهو ما يبرز خطورة هذه الحوادث في غياب تدخل طبي سريع وفعّال.
وتعيش عدد من الجماعات القروية بتارودانت، كإكيدي وأوزيوة وتافنكولت وتالكجونت، أوضاعاً صحية صعبة بسبب بُعد المستشفيات، وصعوبة التضاريس، ونقص سيارات الإسعاف، خاصة في فصل الصيف حيث ترتفع وتيرة انتشار العقارب والأفاعي.
وفي هذا الإطار، وجّه خالد الشناق النائب برلماني عن الفريق الاستقلالي سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة، مطالباً بإجراءات فورية للحد من هذه المخاطر، وتوفير الأمصال الضرورية وتحسين سبل العلاج.
كما دعت فعاليات مدنية وحقوقية إلى تدخل عاجل من الوزارة لتزويد المستشفيات بالأمصال، وتكوين الأطر الصحية، وتنظيم حملات توعية لفائدة سكان القرى حول الوقاية والإسعافات الأولية.
وفي ظل استمرار هذه الحوادث، تتصاعد مطالب المواطنين في تارودانت والمناطق القروية عموماً بإصلاح شامل للمنظومة الصحية، وضمان العدالة في الولوج إلى العلاج، صوناً لحق المواطنين، وخصوصاً الأطفال، في الحياة.