في مشهد يعكس حجم التهميش وغياب البنية التحتية المخصصة للأطفال، رصدت عدسة أحد السكان بحي سيدي ميمون بالمزار ايت ملول، طفلاً صغيرًا يتأرجح على حبل بدائي مربوط بإحدى دعامات برج كهرباء عالٍ، تمر من فوقه أسلاك الضغط العالي.
المشهد، الذي قد يبدو لأول وهلة عاديًا في أحياء تفتقد الفضاءات الترفيهية، يختزل في تفاصيله الكثير من الألم. طفل في عمر الزهور، اختار ـ أو اختير له ـ أن يلهو تحت خطر داهم، في غياب تام لأي بدائل آمنة، وسط محيط تتناثر فيه الحجارة وأكوام الردم والأسلاك المكشوفة.
ففي الوقت الذي تنعم فيه أحياء أخرى بحدائق مجهزة وملاعب للقرب، يواجه أطفال أحياء كـسيدي ميمون واقعًا مغايرًا، حيث تغيب أدنى شروط السلامة، وتتحوّل فضاءات الحياة إلى حقول ألغام تهدد حياتهم. هذه الوضعية تطرح علامات استفهام كبيرة حول دور الجهات المعنية، من جماعات محلية وسلطات وصية، في توفير أبسط حقوق الطفولة كما يكفلها الدستور والمواثيق الدولية.
خطر مزدوج يهدد الحياة
ليس اللعب تحت برج كهربائي خطرًا عاديًا، بل هو تهديد مباشر للحياة. فأسلاك الضغط العالي قد تُحوّل لحظة لهو بريئة إلى كارثة، خاصة في غياب وعي الأطفال بخطورة المكان. والأخطر من ذلك هو تطبيع الساكنة مع هذا الواقع، حيث يصبح “اللعب تحت برج كهربائي” أمرًا مألوفًا لا يثير الانتباه، في ظل صمت مستمر من طرف المنتخبين والمجالس التي تتولى تدبير الشأن المحلي.
فضاءات اللعب… رفاهية غائبة
هذا المشهد يعيد إلى الواجهة النقاش حول العدالة المجالية وحق الأطفال في الترفيه واللعب الآمن، فكم من حيّ بمدينة ايت ملول يفتقر لفضاءات اللعب رغم كثافة الساكنة؟ وكم من مشاريع لتأهيل الأحياء الهامشية تمّ الإعلان عنها دون أن ترى النور؟ وهل أصبحت حديقة صغيرة أو ملعب للقرب حلمًا صعب المنال؟
دعوة للتدخل العاجل
الوضعية الموثّقة في حي سيدي ميمون تستدعي تدخلًا عاجلًا من طرف الجهات المعنية، من أجل تدارك هذا الخلل. فلا يمكن القبول أن تظل حياة الأطفال رهينة للإهمال، أو أن تتحول أسلاك الكهرباء إلى أرجوحة قدر.
إن بناء ملاعب القرب وتجهيز المساحات العامة ليست منة من أحد، بل هي استثمار في الإنسان والمستقبل، وضمان لسلامة الطفولة التي تمثل أمل هذا الوطن.