غياب دور الأسرة في مراقبة وتربية الأبناء: حادثة أطفال أيت ملول نموذجًا

شهد حي أزرو بمدينة أيت ملول، يوم الاثنين 21 أبريل 2025، حادثةً غريبةً تعكس خللًا كبيرًا في الرقابة الأسرية، حيث تم توقيف ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و11 سنة بعد تسللهم إلى فيلا مهجورة لمواطن فرنسي وقضائهم أيامًا داخلها، مستخدمين مرافقها دون أي رادع. هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن تم توقيفهم في مناسبات سابقة، مما يطرح تساؤلاتٍ جادةً حول تقصير الأسرة في تربية الأبناء ومراقبة تحركاتهم.

تفاصيل الحادثة وتكرار السلوك المنحرف
وفقًا للمعطيات، استغل الأطفال غياب صاحب الفيلا لدخولها، وقاموا باستخدام المطبخ والسباحة في المسبح، بل إن الطفلة منهم جربت بعض المجوهرات الموجودة في المنزل. وعند تدخل السلطات، أظهروا مقاومةً بإغلاق الأبواب بإحكام، مما يدل على جرأةٍ غير طبيعية في هذا العمر. والأخطر من ذلك أن هؤلاء الأطفال لهم سوابق مشابهة في مدينة أكادير والمناطق المجاورة، حيث تم إعادتهم إلى أوليائهم وفق الإجراءات القانونية، لكن يبدو أن العائلة لم تتخذ أي إجراءات وقائية أو تربوية لمنع تكرار هذه الأفعال.

إهمال الأسرة وغياب الرقابة
تكشف هذه الحادثة عن غياب واضح لدور الأسرة في توجيه الأطفال ومراقبة سلوكهم. فمن غير المعقول أن يغيب ثلاثة أطفال لأيام دون أن يلاحظ الأهل اختفاءهم أو يبحثوا عنهم. كما أن تكرار مثل هذه الأفعال يشير إلى أن البيئة الأسرية لا توفر الرعاية الكافية، سواءً من الناحية التربوية أو النفسية. فالأطفال في هذا العمر يحتاجون إلى إشرافٍ دائمٍ، خاصةً مع وجود مؤشرات على سلوكيات خطيرة مثل التسلل إلى ممتلكات الغير.

تداعيات إهمال التربية الأسرية
غياب الرقابة الأسرية لا يؤدي فقط إلى سلوكيات منحرفة في الصغر، بل قد يتطور الأمر إلى انحرافٍ أكبر في المراهقة وسن الرشد. فالأطفال الذين يعتادون على خرق القانون دون عقابٍ رادعٍ من الأهل قد ينضمون لاحقًا إلى عصابات أو يرتكبون جرائم أكبر. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعرضهم للإجراءات القانونية في سن مبكرة قد يؤثر على مستقبلهم النفسي والاجتماعي.

الحلول المقترحة
1. تفعيل دور الأسرة: يجب على الآباء تحمل مسؤوليتهم كاملةً في تربية الأبناء ومراقبة تحركاتهم، وتوعيتهم بخطورة السلوكيات المنحرفة.
2. التعاون مع المؤسسات التربوية: على المدارس أن تشارك في توعية الأطفال عبر برامج تربوية، وإبلاغ الأهل بأي سلوك مريب.
3. تدخل الدولة: ينبغي أن تفرض السلطات عقوباتٍ على الأسر المقصرة في رعاية أطفالهم، مثل إلزامهم ببرامج توعوية أو غرامات مالية في حال تكرار المشكلة.
4. برامج الدعم النفسي: يحتاج بعض الأطفال إلى رعاية نفسية خاصة، خاصةً إذا كانوا يعيشون في بيئات أسرية غير مستقرة.

حادثة أطفال أيت ملول ليست مجرد شغبٍ طفولي، بل إنها جرس إنذارٍ يدق ليذكرنا بخطورة إهمال الأسرة لدورها التربوي. فالأطفال هم نتاج البيئة التي يعيشون فيها، وإذا غابت الرقابة الأسرية، فسيظلون عرضةً للانحراف. لذا، يجب على المجتمع بجميع مكوناته – الأسرة، المدرسة، الدولة – أن تتعاون لضمان تربية سليمة تحمي الأبناء من الضياع.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬338