لم تتخذ الغرفة البرلمانية الأولى أي إجراء لاستبعاد النواب المتابعين قضائيًا من حضور افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية الحادية عشرة، التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، بمقر البرلمان في الرباط.
وأفادت مصادر برلمانية مطلعة بأن كافة النواب حضروا الجلسة الافتتاحية، باستثناء من تعذر عليهم ذلك لأسباب صحية أو ارتباطات مبررة، مشيرة إلى أن الأعضاء الذين توجد ضدهم قضايا رائجة أمام المحاكم، خاصة تلك المتعلقة بتدبير الشأن العام المحلي أو الجهوي، شاركوا بشكل عادي في الجلسة، كما جرت العادة في السنوات الماضية.
وأوضح مصدر من داخل مكتب المجلس أن المؤسسة التشريعية لم تتوصل بأي حكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به ضد أي نائب، وهو ما يجعل المكتب غير مخول قانونيًا لاتخاذ قرار يقضي باستبعادهم أو تعليق عضويتهم، مؤكدًا أن “قرينة البراءة تظل سارية المفعول ما لم يصدر حكم قضائي نهائي بالإدانة”.
وأضاف المصدر ذاته أن هذا الموضوع يثير نقاشًا قانونيًا وأخلاقيًا في كل دورة برلمانية، خصوصًا أن حضور النواب المتابعين أمام القضاء إلى الجلسات الرسمية يثير جدلًا بين من يعتبره “خرقًا لهيبة المؤسسة التشريعية”، ومن يرى فيه تطبيقًا صارمًا لمبدأ دستوري يحمي حقوق الأفراد إلى أن تثبت إدانتهم.
ومن جانب آخر، أوضحت مصادر متطابقة من داخل مكتب مجلس النواب أن التعامل مع هذه الملفات يتم بحذر، نظرًا لحساسيتها القانونية والسياسية، مشددة على أن البرلمان لا يمكنه اتخاذ أي قرار تأديبي أو إجرائي إلا بناءً على أحكام قضائية نهائية، وذلك حفاظًا على الشرعية القانونية واحترامًا للفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الجدل يعكس غياب إطار قانوني واضح ينظم وضعية البرلمانيين المتابعين قضائيًا خلال فترة التقاضي، وهو ما يفتح الباب أمام اجتهادات وتأويلات متعددة، بين من يدعو إلى “تجميد مهامهم مؤقتًا” حفاظًا على صورة المؤسسة، ومن يتمسك بضرورة احترام قرينة البراءة كأساس من أسس العدالة وسيادة القانون.
ويُنتظر أن يعيد هذا النقاش فتح ملف أخلاقيات الممارسة البرلمانية وسبل تعزيز الثقة في المؤسسة التشريعية، خاصة في ظل تزايد المطالب المجتمعية بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالعقوبات التأديبية في حال صدور أحكام نهائية ضد المنتخبين.
