وزارة الصحة تُوقف 17 إطاراً بأكادير بعد وفيات حوامل… والاتهامات بالتسرع تتصاعد

تعيش المنظومة الصحية بجهة سوس ماسة على وقع صدمة جديدة، عقب القرار الصادر عن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، صباح اليوم الأربعاء، والقاضي بـتوقيف 17 إطاراً صحياً بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، من بينهم أطباء وممرضون وقابلات، في سياق التحقيقات الجارية حول وفيات نساء حوامل شهدها المستشفى مطلع الشهر الماضي.

القرار الذي وُصف بأنه تأديبي مؤقت، شمل أربعة ممرضي تخدير وإنعاش، وتسع قابلات، وطبيبين متخصصين في التخدير والإنعاش، إلى جانب طبيبين في أمراض النساء والتوليد. وقد تسلم المعنيون بالأمر قرارات التوقيف صباح اليوم، بإشراف المدير الجهوي بالنيابة، الذي أمر كذلك بوقف صرف الأجور باستثناء التعويضات العائلية، في انتظار عرضهم على المجلس التأديبي.

وتشير المعطيات التي حصلت عليها الجريدة إلى أن تقرير المفتشية العامة للوزارة كان وراء هذه القرارات، حيث اعتُبر أن الأطر الموقوفة “قصّرت في أداء مهامها”، ما أدى إلى تسجيل حالات وفيات بين الحوامل. غير أن عدداً من العاملين داخل المستشفى اعتبروا هذه الخطوة “إجراءً متسرعاً وارتجالياً” الهدف منه امتصاص الغضب الشعبي الذي أعقب الحوادث المأساوية، وليس الوصول إلى الحقيقة كاملة.

مصادر مهنية وصفت القرارات بأنها محاولة للتضحية بأطر صحية تشتغل في ظروف قاسية وبإمكانيات محدودة، مشيرة إلى أن السبب الحقيقي في وفاة الحوامل يعود إلى النقص الحاد في الموارد البشرية وضعف التجهيزات ، والضغط الكبير على مصلحة الولادة بمستشفى الحسن الثاني، الذي يستقبل حالات حرجة من مختلف أقاليم الجهة.

وأكدت المصادر نفسها أن من بين ضحايا الوضع  الصحي بالجهة سيدة قادمة من مدينة بيوكرى بعد تدهور حالتها الصحية بعد اجراءها لعملية ولادة قيصرية أصيبت بعدها بنزيف حاد عجل بنقلها الى المستشفى الجهوي باكادير لتلفظ أنفاسها الأخيرة.

ويرى مهنيون في القطاع أن التحقيقات الجارية يجب أن تتسم بالموضوعية والعدالة، وأن لا تتحول إلى أداة لمعاقبة الأطباء والممرضين بدل معالجة الأسباب البنيوية الحقيقية التي تعرفها المنظومة الصحية بالجهة، خاصة ما يتعلق بضعف التجهيزات، وقلة الأطقم الطبية، وغياب قاعات إنعاش كافية لتلبية حجم الحالات المتزايدة.

وفي هذا السياق، يطالب عدد من الفاعلين الصحيين والحقوقيين وزارة الصحة بإعادة فتح التحقيق في ملف وفيات الحوامل بأكادير، وإشراك الهيئات النقابية والمهنية في تتبع مسار البحث، لضمان تحديد المسؤوليات بشكل منصف، وعدم الاكتفاء بمعاقبة العاملين في الصفوف الأمامية الذين يتحملون عبء الخصاص اليومي.

كما دعا مهنيون إلى ضرورة تقييم الوضع الصحي بالمستشفى الجهوي بعمق، بدل اللجوء إلى “إجراءات آنية” تُعمّق الإحباط داخل صفوف الأطر الصحية، مؤكدين أن معالجة الغضب الشعبي لا تكون بالتوقيفات، بل بإصلاح حقيقي يضع الإنسان في قلب السياسة الصحية.

إن ما وقع، بحسب مراقبين، يعيد إلى الواجهة أسئلة جوهرية حول العدالة داخل المنظومة الصحية، وحدود المساءلة الإدارية في غياب الإنصاف الميداني، خاصة وأن مهنيي الصحة ظلوا يشتغلون منذ سنوات في ظروف متوترة، بين ضغط العمل ونقص الإمكانيات، دون تحفيز أو حماية قانونية كافية.

وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، يبقى الأمل معقوداً على تدخل عاجل من وزارة الصحة لإعادة النظر في قرارات التوقيف، وضمان محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن أي خلل، مع إنصاف الأطر التي كانت في الخطوط الأمامية لإنقاذ الأرواح، حتى لا يتحول البحث عن العدالة إلى عقاب جماعي يضاعف جراح قطاع يعاني أصلاً من النزيف.

A.Bout

الأخبار ذات الصلة

1 من 826