موعد طبي بعد ستة أشهر يفضح اختلالات المنظومة الصحية بانزكان

في مشهدٍ مؤلمٍ يعكس واقع المنظومة الصحية بإقليم إنزكان آيت ملول، وجد مريض يعاني من داء الفتق نفسه أمام موعد طبي “صادم”، حُدد له في شهر أبريل من السنة المقبلة لإجراء فحص بالتلفزة (الإيكوغرافيا) داخل المستشفى الإقليمي بإنزكان، أي بعد أكثر من ستة أشهر من الانتظار، في وقت تتزايد فيه حالته سوءاً يوماً بعد يوم.

ورغم أن وزارة الصحة أطلقت مؤخرا حملة وطنية لتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية وتقليص آجال المواعيد في المستشفيات العمومية، فإن واقع الحال بمستشفى إنزكان الإقليمي يكشف أن الشعارات ما تزال بعيدة عن التنفيذ، وأن معاناة المواطنين مستمرة بصمت مؤلم.

المريض، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أكد للجريدة أنه توجه إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، يعاني من آلام متواصلة على مستوى البطن بسبب الفتق، غير أنه فوجئ بموعد للفحص بعد نصف عام. وقال في تصريح للجريدة: “الطبيبة قالت لي إنني بحاجة إلى فحص بالتلفزة لتحديد نوع الفتق وخطورته، لكن موعد أبريل جعلني أشعر أن المرض سيسبق الموعد.”

أفراد من عائلته أكدوا بدورهم أن التأخر في تحديد المواعيد الطبية بات “عادة مزمنة” داخل هذا المرفق الصحي، مشيرين إلى أن العديد من المرضى يضطرون إلى التوجه نحو المصحات الخاصة رغم ضيق ذات اليد، لأن الانتظار الطويل قد يعرض حياتهم للخطر.

وفي جولة ميدانية للجريدة داخل المستشفى، أكد عدد من المرتفقين أن أزمة المواعيد لا تقتصر على فحوصات الأشعة فقط، بل تشمل أيضًا العمليات الجراحية والفحوص التخصصية الأخرى، حيث يتم تحديد مواعيد تمتد لأشهر طويلة، في غياب أي قنوات لتسريع الحالات المستعجلة.

من جهتهم، يرى فاعلون جمعويون بالمنطقة أن ما يقع في مستشفى إنزكان هو نتيجة غياب التنسيق الجهوي في توزيع الحالات والمواعيد الطبية، حيث يمكن للمستشفيات الأخرى  استقبال جزء من الحالات لتخفيف العبء.
ويقول أحد هؤلاء النشطاء: “عندما يُمنح مريض بالفتق موعداً بعد ستة أشهر فقط من أجل الفحص، فهذا يعني أن الخلل هيكلي، وأن الإصلاحات المعلنة لم تصل بعد إلى المواطن البسيط.”

كما تساءل هؤلاء عن مآل الحملة الوطنية التي أعلنتها وزارة الصحة والتي رُوّج لها إعلامياً بوصفها “تحولاً نوعياً” في تحسين الخدمات وتقليص آجال المواعيد. إلا أن التجربة على أرض الواقع – بحسبهم – تثبت أن مستشفى إنزكان لم يستفد من أي تغيير ملموس، سواء على مستوى التجهيزات أو التنظيم الإداري.

ويرى المتتبعون أن هذه الواقعة تسلط الضوء مجدداً على الهوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي حول “الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية” وبين واقع الممارسات داخل المستشفيات الإقليمية، حيث يستمر المرضى في المعاناة من طول المواعيد، وقلة الأطباء، وضعف التجهيزات.

فبينما ترفع وزارة الصحة شعارات “رعاية المواطن” و“تجويد الخدمات”، ما زال المواطن المريض في مدن مثل إنزكان ينتظر الموعد أكثر مما ينتظر الشفاء، في وقت تتحول فيه المعاناة اليومية داخل المستشفيات إلى اختبار حقيقي لجدية الإصلاحات المعلنة.

ويبقى السؤال الذي يردده سكان المنطقة بمرارة:
إلى متى سيبقى مستشفى إنزكان عنواناً للانتظار الطويل، ومثالاً على الفجوة بين الوعود والواقع؟
ومتى ستتحرك وزارة الصحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يتحول الانتظار إلى مرض جديد؟

الأخبار ذات الصلة

1 من 826