عندما تتحول الوقفات السلمية إلى اختبار لصدقية المسؤولين

تعيش بلادنا بين الفينة والأخرى على وقع قرارات مفاجئة لمسؤولين كبار، تثير جدلاً واسعاً وتساؤلات عميقة حول خلفياتها وحقيقة المعطيات التي بُنيت عليها. آخر الأمثلة ما وقع مساء الأحد أمام مستشفى الحسن الثاني بأكادير، حينما تدخلت القوات العمومية لتفريق وقفة احتجاجية سلمية، كانت ترفع مطالب مشروعة مرتبطة بالحق في الصحة والكرامة.

القرار خلق صدمة لدى فئة واسعة من المتتبعين، خصوصاً أن والي جهة سوس ماسة، الذي أصدر الأمر بالتدخل، كان منذ تعيينه محط إشادة من مختلف الأطراف، لما عُرف عنه من انفتاح وتواصل إيجابي مع الفاعلين المحليين. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: ما الذي دفعه لاتخاذ قرار بهذه الحساسية، قد يضعه في موقع انتقاد من طرف نفس الفئات التي كانت ترى فيه نموذجاً للمسؤول القريب من نبض الشارع؟

هل تلقى الوالي تقارير مغلوطة من بعض من يفترض فيهم الحياد والموضوعية؟ وهل تم تضخيم المعطيات لتصوير الوقفة السلمية وكأنها تهديد للنظام العام؟ أم أن هناك تعليمات مركزية من رئاسة الحكومة، لم تُحسب عواقبها بالشكل المطلوب، وانتهت بقرار أضر بصورة الوالي أكثر مما خدم المصلحة العامة؟

هذه الواقعة تفتح النقاش من جديد حول خطورة اعتماد المسؤولين الكبار على تقارير محلية قد تكون أحياناً مسيّسة أو مبنية على تقديرات خاطئة. وهو ما ينعكس بشكل مباشر على ثقة المواطنين، ويُضعف جسور التواصل بين الإدارة والمجتمع.

في زمن يتطلب حكامة جيدة وقرارات رشيدة، يصبح من الضروري إعادة النظر في آليات تجميع المعلومات وصياغة التقارير، حتى لا يجد مسؤولون مثل والي سوس ماسة أنفسهم في مواقف محرجة، يدفعون ثمن معطيات مغلوطة أو حسابات سياسية ضيقة.

إن وقفة مستشفى الحسن الثاني لم تكن سوى ناقوس خطر جديد يقرع بقوة، للتنبيه إلى أن الاستماع لصوت الشارع هو الخيار الأسلم، وأن التعامل مع المطالب الاجتماعية ينبغي أن يتم بعقلانية وحكمة، بعيداً عن الانزلاق نحو قرارات قد تُفقد المسؤولين ما بنوه من رصيد ثقة في أعين المواطنين.

A.Bout

الأخبار ذات الصلة

1 من 791

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *