الجدل حول عطلة رئيس الحكومة: بين الحق في الخصوصية وهاجس “التصيّد” السياسي

أثارت عطلة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الصيفية في جزيرة سردينيا جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي بعض الأوسائل الإعلامية، محولةً أمراً شخصياً بحتاً إلى “قضية رأي عام” يتم تداولها بشكل مكثف. وبينما يرى البعض في هذا النقاش فرصة لتقييم سلوك المسؤولين، يرى آخرون أنه يمثل انحرافاً خطيراً في النقاش العمومي، بعيداً عن جوهر المحاسبة السياسية الحقيقية.

عطلة بترخيص وفي وقت مناسب
تأتي عطلة رئيس الحكومة في وقتها الطبيعي من السنة، وبعيداً عن أي أزمة وطنية عاجلة تستدعي وجوده في المغرب. كما أن هذه العطلة تمت بترخيص رسمي، وهو إجراء قانوني يتبعه كل المسؤولين. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل من حق الرأي العام التدخل في تفاصيل الحياة الشخصية لمسؤول ما دام يلتزم بالقانون ولا يستغل منصبه لمصلحة خاصة؟

ثقافة “التصيّد” تهيمن على النقاش
إن الهجوم على حياة رئيس الحكومة الخاصة يعكس ثقافة “التصيّد” التي أصبحت تسيطر على جزء كبير من النقاش العمومي. فبدلاً من التركيز على تقييم الأداء السياسي للحكومة، أو مناقشة برامجها ومشاريعه التنموية، يتم تضييع الوقت والجهد في التركيز على تفاصيل شخصية لا علاقة لها بالمسؤولية العامة. هذا التوجه لا يخدم الديمقراطية، بل يضعف النقاش الهادف ويشتت الانتباه عن القضايا الحقيقية التي تهم المواطنين.

المحاسبة الحقيقية: أداء سياسي لا حياة شخصية
يجب أن تُبنى المحاسبة الحقيقية للمسؤولين على أساس قراراتهم وسياساتهم، ومدى تأثيرها على حياة المواطنين. هل استطاعت الحكومة تحقيق الوعود التي قطعتها؟ هل تحسنت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن يطرحها الرأي العام. أما اختيار مسؤول لقضاء عطلته، فهو أمر يخصه وحده، ما دام لم يرتكب أي مخالفة قانونية أو أخلاقية تستدعي المساءلة. إن احترام الحياة الخاصة للمسؤولين هو جزء من احترامنا لأنفسنا، وهو خطوة أساسية نحو بناء نقاش عمومي صحي وموضوعي.

A.Bout

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 861

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *