رحيل الدكتور ألبير جاكوب… الطبيب الإنسان الذي احتضن طفولة أكادير بحنانه ومهنيته

فقدت مدينة أكادير، ومعها جهة سوس ماسة، أحد أبرز رموزها الطبية والإنسانية برحيل الدكتور ألبير جاكوب، طبيب الأطفال الذي شكّل لعقود طويلة ملاذًا للآلاف من الأسر، ومرجعًا في الطب الإنساني خلال سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

من عيادته المتواضعة في حي تالبرجت، كان الدكتور جاكوب يستقبل الأطفال من مختلف أحياء أكادير ومن مناطق بعيدة كجبال آيت باها وتارودانت، يطبطب على آلامهم، ويقدّم لهم العلاج بكل هدوء وحكمة، مستندًا إلى خبرة طبية رفيعة وأخلاق إنسانية نادرة.

الطبيب الذي عالج جيلين
لم يكن الدكتور جاكوب مجرد طبيب أطفال. بل كان، كما كتب عنه أحد المواطنين، “طبيبًا لجيلين: جيل الآباء وجيل الأبناء”، رجلًا قضى عمره في خدمة الطفولة، دون كلل أو بحث عن مجد أو مال. لم يكن يطلب أوراقًا أو وثائق من المرضى المعوزين، بل يضع الإنسانية قبل كل شيء. “إنسان قبل أن يكون طبيبًا”، تقول إحدى التدوينات التي عجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي عقب إعلان وفاته.

صوت في زمن الصمت
في زمنٍ كانت فيه العيادات نادرة، وكانت الخدمات الصحية محدودة، لمع نجم الدكتور جاكوب كمثال للطبيب الذي لا يكتفي بالدواء، بل يزرع في قلب الأمهات الطمأنينة، وفي عيون الأطفال الأمل. يروي أحدهم أنه زار عيادته في طفولته لعلاج ابنه من سعال حاد لم يجد له علاجًا عند غيره، فكان الدواء والشفاء عند جاكوب. ويقول آخر: “كان طبيبي في طفولتي، وكنت مبهورًا بحوض السمك الكبير في مكتبه… كان كل شيء فيه يمنح الأمان”.

تكريم مستحق بعد الرحيل
مطالب كثيرة اليوم من أبناء أكادير وساكنتها تدعو إلى تكريم الدكتور جاكوب بما يليق بما قدّمه. فالرجل لم يكن طبيبًا فقط، بل كان رمزًا إنسانيًا وأخلاقيًا، واسمًا محفورًا في الذاكرة الجماعية للمنطقة. البعض اقترح إطلاق اسمه على مؤسسة صحية أو مرفق عمومي، كعربون وفاء وعرفان لطبيب أنقذ أرواحًا، وواسى أمهات، وترك أثرًا لا يُمحى.

وداعًا أيها الإنسان النبيل
رحل الدكتور جاكوب في هدوء، كما عاش. لكنه لم يرحل من قلوب من عرفوه أو عولجوا على يديه. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة أكادير، كأحد أطباء الزمن الجميل، زمن كان فيه الطب رسالة لا تجارة، وكان الطبيب أبًا قبل أن يكون معالجًا.

رحم الله الدكتور ألبير جاكوب، وأسكنه فسيح جناته. وداعًا يا صديق الأطفال، ويا طبيب القلوب الصغيرة، ويا وجهًا إنسانيًا لن ننساه.

A.Boutbaoucht

الأخبار ذات الصلة

1 من 806

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *