في الوقت الذي تعيش فيه جماعة أداوكنظيف على وقع فعاليات الدورة السابعة من مهرجان إيكودار الثقافي، الذي يحتفي بالتراث الأمازيغي والموروث المحلي، تعيش الساكنة على وقع معاناة صامتة مع واقع صحي مأساوي، يتجلى في مستوصف قروي وحيد يفتقر لأبسط شروط العلاج والتطبيب، وسط غياب شبه تام للمراقبة والاهتمام من الجهات الوصية.
فبينما تقام أنشطة فنية وثقافية أمام مقر المستوصف مباشرة، يتساءل العديد من المواطنين والفاعلين الجمعويين عن جدوى هذه الاحتفالات، في ظل الإهمال الصحي المزمن الذي تعاني منه المنطقة. فقد تحوّل المستوصف إلى بناية رمزية أكثر من كونه مرفقًا صحيًا فعّالاً، إذ يُسجَّل غياب دائم للممرضة المخصصة له، رغم تخصيص سكن وظيفي لها داخل المستوصف.
موسم العقارب والأفاعي.. ولا طبيب ولا علاج
وتتفاقم معاناة الساكنة خلال فصل الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة وتزداد معها حالات التعرض للدغات العقارب والأفاعي، دون وجود طبيب مختص أو أدوية مضادة، ما أدى في مرات عديدة إلى وفاة ضحايا قبل وصولهم إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير، على بُعد 100 كيلومتر، حيث تُنقل الحالات الحرجة على متن سيارة إسعاف تفتقر لأبسط التجهيزات، وبدون مرافقة طبية.
صرخة المجتمع المدني: “أين التنمية؟”
عدد من الفاعلين الجمعويين المحليين عبّروا، في تصريحات متفرقة، عن استيائهم من هذا الوضع الذي يصفونه بـ”اللامسؤول”، متسائلين عن دور المنتخبين والمسؤولين الذين حضروا المهرجان، دون أن يُكلف أحدهم نفسه بزيارة المستوصف أو الاستماع لانشغالات الساكنة.
كما طالبوا بإعادة ترتيب الأولويات، مشيرين إلى أن ملايين السنتيمات التي تُضخّ لدعم الأنشطة الاحتفالية، كان من الأجدر أن تُخصص لتأهيل البنية الصحية في الجماعة، وتوفير الأطر الطبية واللقاحات الحيوية، حفاظًا على أرواح المواطنين.
إكراهات التنمية.. بين الثقافي والصحي
وإن كانت التظاهرات الثقافية تشكل متنفسًا للساكنة ومناسبة لإبراز مؤهلات المنطقة، إلا أن المفارقة المؤلمة بين الاحتفال والحرمان من العلاج تطرح إشكالاً عميقًا حول مدى توازن التنمية في المناطق القروية، ومدى نجاعة الحكامة المحلية في الاستجابة لأولويات السكان، وفي مقدمتها الحق في الصحة، الذي لا يزال مؤجلاً في أداوكنظيف.
فهل يكون مهرجان إيكودار، في دورته الحالية، محطة لانطلاق نقاش حقيقي حول العدالة المجالية في توزيع الخدمات العمومية؟ أم أن أنين المرضى سيبقى خارج منصة المهرجان؟
الساكنة تنتظر الجواب من المسؤولين قبل أن يفوت الأوان.