منذ تعيينه على رأس إقليم اشتوكة آيت باها بتاريخ 30 ماي 2025، أطلق السيد محمد سالم الصبتي، عامل الإقليم، دينامية جديدة وغير مسبوقة في تدبير الشأن المحلي، حيث اختار أن يبدأ ولايته بأسلوب ميداني تواصلي، قاده إلى زيارة مختلف الجماعات الترابية، واللقاء برؤسائها وأعضائها، والاستماع مباشرة إلى انشغالات الساكنة وممثليها.
وفي خطوة تكميلية تُحسب له، وسّع العامل لقاءاته لتشمل، ولأول مرة في تاريخ الإقليم، فعاليات المجتمع المدني، حيث انطلق بلقاء مفتوح بجماعة آيت باها، ثم بلفاع، ليختم الجولة الأولى من لقاءاته بجماعة سيدي بيبي.
سياسة القرب والانصات… إشادة واسعة وانتقادات صامتة
هذه اللقاءات التفاعلية، التي حضرها عشرات الفاعلين المدنيين، لاقت إشادة واسعة من مختلف المتتبعين، كونها تكرّس مبدأ الديمقراطية التشاركية وتُعيد الاعتبار للنسيج الجمعوي المحلي باعتباره شريكًا حقيقيًا في التنمية.
لكن، وبالرغم من أجواء الإيجابية التي عمّت اللقاءات، بدأت بعض الانتقادات تطفو على السطح، موجهة أساسًا إلى الجهات المكلفة بإعداد قوائم الجمعيات المدعوة، حيث تحدّثت مصادر جمعوية عن إقحام منتخبين في الاجتماعات بدلاً من ممثلين جمعويين، وإقصاء متعمد لبعض الجمعيات التي تعتبر فاعلة ومزعجة لجهات معينة، ربما بسبب جرأتها في فتح ملفات شائكة.
جمعية “أكال”: سؤال الإقصاء ومعركة الاعتراف
من بين الأمثلة التي أثارت الجدل، جمعية أكال للدفاع عن أراضي الأجداد بسيدي بيبي و ايت عميرة، التي رغم صدور حكم قضائي لصالحها يُلزم السلطات بمنحها وصل الإيداع القانوني، ظلت مستبعدة من اللقاءات الرسمية، ما جعل أصواتًا حقوقية وجمعوية تتساءل عن خلفيات هذا “الإقصاء غير المفهوم”، في وقتٍ يُفترض فيه أن المسؤول الترابي الأول يسعى إلى تكوين صورة شاملة وواقعية عن الإقليم.
ويتخوّف عدد من المتابعين من أن تكون هناك جهات محلية تحاول التعتيم على ملفات حساسة، وإبقاء العامل في “دائرة المعلومة المنقوصة”، ما قد يفرمل رغبته الصادقة في الإصلاح والتغيير، ويخدم ما يسمّى محليًا بـ”لوبيات معرقلي التنمية”.
العامل الجديد… مسؤول طموح يحتاج لفرصته
من خلال تتبع خطواته الأولى، يظهر أن العامل محمد سالم الصبتي جاء إلى الإقليم محمّلاً برغبة واضحة في الإصلاح والانفتاح، وهو ما يستحق أن يُقابل بمزيد من الشفافية والدعم الحقيقي من مختلف الفاعلين، سواء كانوا منتخبين، أو مجتمعًا مدنيًا، أو حتى مواطنين عاديين.
وفي هذا السياق، يُطرح السؤال التالي: هل نُفسد على العامل الجديد فرصته في التغيير، ونكرر أخطاء الماضي، أم نُتيح له فضاءً نقيًا للعمل؟
الإجابة تُلقى على عاتق الجميع: مسؤولين، جمعيات، وإعلام، لأن التغيير لا تصنعه النوايا وحدها، بل الإرادة الجماعية والتعاون الصادق.
نداء من أجل الشفافية والمسؤولية
ولأن الثقة تُبنى بالوضوح، فإن باب عمالة اشتوكة آيت باها يجب أن يظل مفتوحًا أمام الجميع دون استثناء، ويُفترض أن يكون كل فاعل مدني يحمل مشروعًا أو قضية، قادرًا على الوصول مباشرة إلى العامل، دون وسطاء أو عراقيل.
كما أن الاكتفاء بالتعبير عن التذمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون اللجوء إلى القنوات الرسمية، لن يُغير شيئًا من واقع الحال. فلنُفعّل آليات الترافع القانوني، ولنضع الشكايات على الطاولة، ما دامت أبواب الإصغاء مفتوحة.
لا وقت للهدر… ولا للتشويش
المرحلة التي يعيشها إقليم اشتوكة آيت باها اليوم، هي مرحلة مفصلية. عامل إقليمي جديد، وإرادة واضحة للتغيير، مقابل تحديات حقيقية ومعارضة خفية.
وإذا لم نُحسن استثمار هذه الدينامية، فقد نعود سريعًا إلى منطق “التدبير العادي”، حيث لا صوت يعلو فوق الركود.
فلنساند من يريد الإصلاح، ولنفضح من يعرقله، بكل مسؤولية ووضوح. فالتنمية لا تنتظر، والساكنة تستحق الأفضل.
A.Bout