أصدرت المحكمة الإدارية بأكادير، اليوم الخميس 17 يوليوز، حكمًا يقضي برفض دعوى العزل التي رفعها ثلاثة مستشارين بجماعة أيت ملول ضد رئيس المجلس الجماعي هشام القيسوني.
هذا القرار، الذي يُعد انتصارًا ضمنيا لرئيس الجماعة، يُسلّط الضوء من جديد على الوضع المتأزم داخل مجلس أيت ملول، حيث بلغ الصراع بين مكونات المجلس حد اللجوء إلى القضاء في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول أولويات المنتخبين ومدى التزامهم بخدمة الشأن العام بدل الانغماس في صراعات شخصية وتصفية حسابات سياسية.
وبدل أن تتجه الطاقات المنتخبة نحو تفعيل المشاريع التنموية، وتجويد الخدمات الأساسية، والانكباب على التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها المدينة، وجد الرأي العام المحلي نفسه أمام مشهد سياسي موسوم بالاحتقان، والتراشق، والتكتلات، التي تُعطل التنمية وتُفقد الجماعة دورها الحقيقي كفاعل محلي محوري.
المراقبون يرون أن هذا الصراع المفتوح لا يخدم لا المنتخبين ولا الساكنة، بل يُعطّل عمل المجلس الجماعي، ويُسهم في تضييع الوقت والجهد في متاهات قانونية تُغيب الأهم: مصالح المواطن. إن وجود اختلافات داخل المجالس أمر طبيعي في السياق الديمقراطي، لكن المطلوب هو تدبيرها بروح مسؤولة ووفق آليات الحوار والتوافق.
كما أن الحكم القضائي، رغم أهميته القانونية، لا يجب أن يُفهم على أنه انتصار لطرف على آخر، بل ينبغي أن يشكل محطة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للمجلس، والقطع مع منطق التصعيد، واستحضار المصلحة العامة التي يفترض أن توحّد الجميع، أغلبية ومعارضة.
الساكنة بدورها تتابع هذه التطورات بحذر وقلق، وهي تنتظر من ممثليها أن يرتقوا إلى مستوى التحديات، وأن ينكبوا على القضايا التي تمسّ حياتهم اليومية: التشغيل، النظافة، البنية التحتية، النقل، التخطيط الحضري، وتهيئة الأحياء.
في ظل هذه المعطيات، فإن جماعة أيت ملول بحاجة ماسة إلى مصالحة داخلية بين مكوناتها السياسية، قائمة على الاحترام المتبادل والعمل المشترك، بعيدا عن المزايدات والخصومات التي أنهكت صورة المجلس وشتّتت الجهود. فالإصلاح لا يبدأ بالمحاكم، بل بالحوار والنوايا الصادقة والالتفاف حول أولويات المواطن.
إن اللحظة تتطلب شجاعة سياسية، وإرادة حقيقية لإعادة تصحيح المسار، وتكريس ثقافة جديدة داخل المجالس المنتخبة، حيث يُعلو صوت الحكمة على الضجيج، ويُقدَّم منطق التعاون على الصراع، لأن تنمية المدينة لا تنتظر أحدًا، والمواطن أولًا وأخيرًا، لا تعنيه الصراعات بقدر ما يهمه أن تُنجز المشاريع ويُحترم حقه في العيش الكريم.