حوار حول الصحراء المغربية: كشف زيف الدعاية الجزائرية من خلال التاريخ والحقائق

 

في لقاء عابر جمع بين أستاذ مغربي متخصص في التاريخ المعاصر وزميله من جيبوتي خلال مؤتمر علمي أقيم في الدوحة، جرى نقاش عميق حول قضية الصحراء المغربية التي تبقى محور اهتمام ومثار جدل على المستويين الإقليمي والدولي. بدأ الحديث بينهما بشكل ودي، حيث تبادلا الحديث حول قضايا رياضية وثقافية، إلا أن النقاش تحول إلى موضوع الصحراء المغربية حينما تساءل الأستاذ الجيبوتي: “ما هو موقفك من قضية الصحراء؟”، ليتخذ النقاش طابعًا أكثر عمقًا.

تضليل إعلامي أم جهل بالتاريخ؟
أثار سؤال الأستاذ الجيبوتي استغراب الباحث المغربي الذي أكد أن الصحراء مغربية، ليرد عليه الجيبوتي متأثرًا برواية تروّج لها الجزائر، مفادها أن “الصحراء أرض محتلة” من قبل المغرب. استغرب الباحث المغربي من هذا الطرح وأراد استيضاح مصدر معلومات زميله، ليكتشف أن أغلبها مستمد من روايات أصدقاء جزائريين كان يعيش معهم خلال فترة دراسته. هذه الخلفية شكّلت نموذجًا واضحًا لتأثير الروايات الإعلامية الموجهة التي تتبناها الجزائر في تشكيل وجهات النظر حول قضية الصحراء.

الحجج التاريخية والموقف المغربي
استغل الباحث المغربي الفرصة ليقدم حقائق تاريخية موثقة تؤكد مغربية الصحراء. فقد سرد مجموعة من المعاهدات الدولية والوثائق التاريخية التي تؤكد أن الصحراء لم تكن يومًا دولة مستقلة، بل كانت جزءًا لا يتجزأ من المغرب. أشار إلى معاهدات مثل تلك الموقعة مع بريطانيا في 1895، والتي اعترفت بالسيادة المغربية على الصحراء، وكذلك اتفاقيات مع فرنسا وألمانيا، تؤكد أن الأراضي الصحراوية كانت جزءًا من السيادة المغربية، حتى قبل فرض الاستعمار الأجنبي.

دور الجزائر في النزاع الصحراوي
ولم يكتفِ الباحث المغربي بتقديم أدلة تاريخية، بل تطرق إلى دور الجزائر في هذا النزاع. شرح للضيف الجيبوتي كيف قامت الجزائر بدعم تأسيس منظمة “البوليساريو” ومحاولة تقديمها على أنها الممثل الشرعي للصحراويين. وقد بيّن له أن الجزائر تبنت هذا الموقف لعدة أهداف، أبرزها محاولة الحصول على منفذ إلى المحيط الأطلسي عبر الصحراء المغربية، واستغلال القضية للتشويش على استرجاع المغرب لصحرائه.

الصحراء في قلب الوحدة الترابية المغربية
وضّح الباحث كيف أن المغرب منذ استقلاله عام 1956 كان يعتبر الصحراء جزءًا من ترابه الوطني، وعمل بشكل دؤوب على استرجاعها، بدءًا من تنظيم مؤتمر الساقية الحمراء حيث أعلن ممثلو القبائل الصحراوية عن انتمائهم للمغرب. وذكّر بالمسيرة الخضراء التي نظمت في 1975 والتي كانت تعبيرًا شعبيًا سلميًا لاسترجاع الأراضي المغربية المحتلة من قبل الاستعمار الإسباني، وصدور رأي استشاري من محكمة العدل الدولية يؤكد وجود روابط تاريخية وثقافية بين المغرب والصحراء.

واقع سكان الصحراء اليوم
أشار الباحث إلى أن أغلبية سكان الأقاليم الصحراوية هم نفسهم الذين عاشوا فيها قبل انسحاب المستعمر الإسباني، وبيّن أن المغرب أتاح لهم المشاركة السياسية من خلال الانتخابات المحلية والجهوية. أما سكان مخيمات تندوف في الجزائر، فغالبًا ما يعيشون في ظروف صعبة، إذ يمنعهم النظام الجزائري والبوليساريو من العودة إلى المغرب.

الأبعاد السياسية والاستراتيجية للموقف الجزائري
تطرق الباحث إلى الاستراتيجية الجزائرية المتبعة في دعم البوليساريو، والتي تهدف لإبقاء النزاع مستمرًا لمنع المغرب من المطالبة بأراضيه الأخرى التي ضمتها فرنسا للجزائر خلال فترة الاستعمار. وأوضح أن النظام الجزائري يستخدم مداخيل النفط والغاز للترويج لقضية البوليساريو في المحافل الدولية، وإقناع بعض الدول الفقيرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بموقفه.

ختام الحديث ورغبة في معرفة الحقيقة
في نهاية النقاش، أعرب الأستاذ الجيبوتي عن استعداده لمواصلة الحوار ومعرفة المزيد من الحقائق التاريخية والوثائق حول قضية الصحراء المغربية، معربًا عن اندهاشه من حجم المعلومات المغلوطة التي كانت تشكل وجهة نظره. فقد كان النقاش فرصة حقيقية لكشف التضليل الإعلامي، ولتعريف زميله على أبعاد تاريخية ومواقف قانونية تدعم موقف المغرب الراسخ تجاه صحرائه، وتؤكد أن قضية الصحراء ليست سوى امتداد للوحدة الترابية المغربية.

 

تؤكد هذه القصة أن الحوار المبني على الحقائق التاريخية يعد أسلوبًا فعالًا لتفنيد الأكاذيب وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي ينشرها البعض لأغراض سياسية. كما تبرز أهمية الاستناد إلى الوثائق والمعاهدات الدولية التي تثبت حق المغرب في صحرائه، وتجدد التأكيد على ضرورة تعزيز الوعي العام حول القضايا الوطنية والدفاع عن الحقائق التاريخية أمام التشويه الإعلامي المتعمد.

A.Boutbaoucht

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬204