بالرغم من أن الحسم، في أمر استجابة الجزائر لليد الممدودة التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يكررها بالدعوة إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وفتح الحدود في وجه الشعبين الشقيقين، يبدو صعبا، لأن النظام الجزائري له خصوصية فريدة من نوعها متعلقة بإطالة العداء للمغرب من اجل ضمان البقاء.
لكن رغم هذا الاحتمال الضعيف، في أن يلتقط النظام الجزائري الإشارات ورسائل الود، التي جاء بها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش المجيد، إلا أن هناك من يرى أن بهذا البلد رغم ما يعتري نظام الحكم فيه، إلا أن هناك حكماء وعقلاء تصلهم حتما هذه الرسائل المغربية المتكررة باستمرار، ويبقى الطموح في أن تغلب الجهة الجزائرية خطاب العقل و تراعي المصلحة المشتركة.
وطبعا الاستجابة لن تكون فورية ولا حتى على المدى القريب، ولكن المراهنة أن تنتصر الحكمة ذات يوم، وتعود العلاقات بين الشعبين، وأن يتم إعطاء المستقبل المكانة التي يستحقها في ظل نظام دولي تطغى عليه المزيد من الأزمات.
رسالة جلالة الملك إلى الجزائر كانت واضحة، وتسعى إلى التفكير في مخارج جديدة والأمل يظل دائما قائما لدى المغاربة بأنه في لحظة ما قد تكون هناك إشارات إيجابية من الطرف الآخر، وما يدل على أن هناك أمل قوي عند المغاربة في أن تعيد الجزائر التفكير بجيدة في العرض المغربي، أن علاقتها مع فرنسا ليس على ما يرى.
ذلك أن باريس من مصلحتها أن يبقى الوضع معلق بين المغرب والجزائر، حتى تتمكن فرنسا من جني أرباح خاصة، علما أن هذه الأخيرة هي صاحبة “الحقوق الشرعية في إقامة القلاقل” والمشاكل بين المغرب والجزائر منذ فترة الاستعمال وما تلاها خلال مراحل الاستقلال.
ورغم أن خطاب العرش كان موجه للشعب المغربي ويحمل توجيهات المرحلة المقبلة، إلا أن الرسالة الملكية إلى الجزائر والتأكيد على اليد الممدودة، تدل على الجدية التي يتعامل بها جلالته مع ملف العلاقات المعلقة بين البلدين.
إذ يؤكد جلالته في خطاب العرش أن، “العلاقات بين المغرب والجزائر هي علاقات مستقرة، نتطلع إلى أن تكون أفضل”، مضيفا “نؤكد للإخوان الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ وكذا الأهمية البالغة، التي نوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين شعبيننا”.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، هو هل تستجيب الجزائر لهذه الدعوة خاصة في ظل الظروف الراهنة والتحولات الدولية وتوترها مع باريس؟ وهل تعلن الجهة الجزائرية استجابتها وإعلانها رسميا الاستعداد لتجاوز الماضي وبداية صفحة جديدة مع المغرب؟. خاصة وان مستقبل المنطقة برمتها يكمن من بناء شراكات قوية لمستقبل لن يكون فيه مكان للدول الضعيفة.