انطلقت اليوم الخميس بالرباط محاكمة “محامي مزور” ظل ينصب لمدة 15 سنة على الضحايا بمساعدة زوجته. ويمثل الشخص، أمام الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية الرباط، بعد تأجيل الجلسة الأولى بسبب رفض المحامين الترافع من أجله.
ولم يجد هذا الشخص من ينوب عنه في الجلسة السابقة؛ إذ رفض المحامون تقديم نياباتهم، على اعتبار أنه أساء للمهنة من خلال أفعاله، ولا يستحق الدفاع عنه، وهو ما دفع هيئة الحكم لتأخير محاكمته إلى حين إعداد دفاعه.
ويوجد المعني رفقة زوجته المتهمة بالمشاركة معه في عمليات النصب رهن الاعتقال، بعدما تم إلقاء القبض عليهما قبل أسبوعين، ومتابعتهما من أجل “النصب واستعمال وادعاء لقب متعلق بمهنة ينظمها القانون وحددت السلطة العامة شروط اكتسابها”.
وانكشفت قصة (ش.ب) البالغ من العمر 35 سنة، المتحدر من مدينة العيون والقاطن بسلا، بالصدفة؛ إذ نشب بينه وبين أحد ضحاياه خلاف في أحد شوارع مقاطعة حسان بالرباط، حيث كان شخص يتهمه بالنصب وانتحال صفة محام، وهو ما دفع الشرطة إلى التدخل، وبعد تفتيشه ضُبطت في محفظته طوابع وبطائق زيارة بصفته محاميا بهيئة الرباط وملفات دعاوى مرفوعة لفائدة الغير وبذلة المحاماة، ليتم توقيفه.
ووجدت الشرطة في منزله بسلا حواسيب وآلة طباعة، قال إنه كان يستعملها لتحرير وطبع الوثائق والمرافعات. كما تم حجز ملفات تفيد ممارسته للمهنة، وملفات أخرى تفيد ترافعه في عدد من القضايا ونيابته عن موكلين بأسماء محاميين اثنين (ج.ش) و(ع.ا).
أحد المحاميين اللذين كان المعني يستغل اسمهما أكد، خلال الاستماع إليه، أنه كان قد تلقى تبليغا من محكمة وجدة، تفيد تتبع ملفات موكليه، وهو ما أثار شكوكه بكون شخص يستغل اسمه، لذلك وجّه شكاية إلى رئاسة النيابة العامة وأشعر هيئة المحامين.
كما كان هذا المحامي المزور يتدخل في القضايا الجنائية والجنحية التي لم يكن بمقدوره المرافعة بشأنها، إذ اعترف بأنه كان يحيل ملفات على محاميين في هيئتي القنيطرة والدار البيضاء، مقابل تسلمه جزءا من الأتعاب.
التحريات التي باشرتها الشرطة كشفت تورط زوجة المعني؛ إذ إن الشخص الذي دخل في خلاف مع هذا المحامي المزور كان قد وضع شكاية سنة 2022 ضد زوجته. وبحسب مضمون هذه الشكاية، فإن السيدة كانت تقدم نفسها عريفة في المحكمة وبأن زوجها يعمل قاضيا للتحقيق.
وكشفت الشكاية أن السيدة طلبت من المشتكي بها آنذاك تسليمها مبلغ 8000 درهم مقابل التدخل له في قضية، وهو ما فعله حيث سلّم المبلغ لزوجها.
أثناء التنقيط تبين أن السيدة متورطة في قضية أخرى، حيث إنها مبحوث عنها بموجب برقية بحث على الصعيد الوطني، بناء على شكاية مواطن إيطالي قال فيها إن المحامي المزور كان قدّم نفسه بكونه محاميا بهيئة الرباط وبأن زوجته كاتبته، وهو ما مكنهما من تسلّم مبلغ 130 ألف درهم من المواطن الإيطالي.
ولم ينف المحامي، خلال الاستماع إليه، كونه نصب على المواطن الإيطالي، والذي كان ملفه من ضمن الملفات التي حجزتها الشرطة.
واعترفت زوجته، خلال الاستماع إليها، بأنها تسلمت مبالغ مالية مرسلة لها بأمر من زوجها، وبأنها كانت تستغل اشتغالها في مكتب للمحاماة (ج.ش) بالرباط، عبر استغلال صفة المحامي صاحب المكتب.
الزوجة لم تكن وحدها هي المبحوث عنها؛ إذ تبين، بعد تنقيط هوية زوجها، أنه مبحوث عنه من أجل التزوير، وأيضا من أجل أمر بإلقاء القبض عليه لفائدة أمن العيون بسبب شيك بدون رصيد.
وتوسعت التحقيقات في هذا الملف؛ إذ تم استدعاء أشخاص آخرين تعاملوا مع المحامي المزور، منهم سيدة قالت إنها سلّمته مبلغ 6000 درهم لكي يرافع في قضية طلاق غير أنه أخلف بوعوده لها.