تُظهر المعطيات السكانية الأخيرة أن مدينة القليعة تعرف توسعاً عمرانياً وسكانياً متسارعاً، إذ ارتفع عدد سكانها من 83,235 نسمة سنة 2014 إلى ما يناهز 107,133 نسمة سنة 2024، وفق تقديرات محلية حديثة. في المقابل، يبلغ عدد سكان مدينة بيوكرى، عاصمة إقليم اشتوكة آيت باها، حوالي 50,626 نسمة حسب إحصاء 2024، بعدما كان 37,933 نسمة سنة 2014.
هذا التحول الديموغرافي يضع القليعة اليوم أمام واقع جديد يفرض مراجعة بنياتها التحتية وخدماتها الأمنية والإدارية.
من المعروف أن مدينة بيوكرى استفادت سنة 2010 من إحداث مفوضية للشرطة، حلت محل جهاز الدرك الملكي الذي كان يؤمّن المنطقة لعقود. وشكل ذلك التحول حينها نقطة مفصلية في تعزيز الأمن بالمدينة، حيث شهدت بيوكرى خلال الشهور الأولى من دخول الشرطة انتشاراً أمنياً مكثفاً، وحملات يومية أسفرت عن توقيف عدد كبير من المبحوث عنهم والمتورطين في قضايا مختلفة.
وتشير شهادات محلية إلى أن تلك الفترة تميزت بتراجع ملموس في الجريمة، إذ كان المواطنون يعاينون يومياً سيارات للشرطة ممتلئة بالموقوفين في طريقهم نحو العدالة، بينما تم الكشف عن شبكات من المطلوبين المتوارين بالضيعات الفلاحية بالمنطقة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من 15 سنة على هذا التحول في بيوكرى، تُطرح مسألة القليعة بإلحاح متزايد. فالنمو الديموغرافي الكبير، والتوسع العمراني السريع، وتحول القليعة إلى مركز حضري نشط اقتصاديًا وسكانياً، كلها عوامل تدفع الفاعلين المحليين إلى تجديد مطلب إحداث مفوضية للشرطة بالمدينة.
فالمدينة التي كانت بالأمس تابعة لجماعة قروية، أصبحت اليوم فضاءً حضرياً مكتظاً يحتاج إلى جهاز أمني قار قادر على الاستجابة السريعة لتحديات الأمن اليومي.
عدد من الفعاليات المدنية والسياسية عبّرت عن أملها في أن تُدرج القليعة ضمن أولويات المديرية العامة للأمن الوطني، على غرار مدن مشابهة استفادت من مفوضيات جديدة خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً وأن الضغط الأمني على عناصر الدرك الملكي بالمنطقة أصبح كبيراً مقارنة مع الكثافة السكانية المتزايدة واتساع المجال الترابي.
ويؤكد متتبعون للشأن المحلي أن إحداث مفوضية للشرطة بالقليعة لن يكون مجرد مطلب أمني فحسب، بل خطوة في اتجاه ترسيخ العدالة المجالية وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات الأمنية، خاصة في منطقة تعرف تنوعاً سكانياً واقتصادياً متسارعاً.
ويبقى السؤال المطروح اليوم:
هل ستسير القليعة على خطى بيوكرى وتتحول قريباً إلى مدينة تحتضن جهاز الشرطة في أفق استيعاب ديناميتها السكانية الجديدة؟
A.Bout