قطاع النظافة في مدينة البوغاز.. ميزانيات ضخمة وأزبال في كل مكان

من المفروض أن تحظى مدينة طنجة، عروس الشمال، بخدمات عالية الجودة، لكن الحقيقة أن المدينة غارقة في الأزبال بسبب سوء التسيير وتهاون الشركة المفوض لها جمع النفايات.

وتصادف انتهاء فترة تسيير حزب « العدالة والتنمية » لجماعة طنجة، مع انتهاء عقد التفويض مع شركة « صولمطا »، التي تكفلت بقطاع النظافة طيلة السنوات الماضية، لكن ظلت الاتهامات تلاحق طريقة تدبيرها للقطاع، إلى درجة أنه قبل انتهاء العقد بأسابيع، قامت بالتوقف الكلي عن جمع النفايات، مما حول مدينة البوغاز إلى مزبلة حقيقية على جميع الاصعدة، ليتم اللجوء إلى سلاح الغرامات ضد الشركة من أجل إجبارها على الوفاء بتعهداتها.

وباتت عملية التفويض، المتعلقة بقطاع النظافة وتدبير النفايات المنزلية بطنجة، تنتقل من سيئ إلى أسوأ. فبعدما تنفس السكان الصعداء، بخصوص اعتماد شركتين جديدتين بميزانية ضخمة تفوق 60 مليون درهم، تفاجأ الجميع بأن الشركتين المذكورتين ما زالتا (وباعتراف منهما) تبحثان عن الإنقاذ، ولم تستطيعا بعد الوفاء بوعودهما في تجويد القطاع، وإنزال الاستراتيجية المتفق عليها في عقد التدبير، وعلى رأسها الاستثمارات.

مباشرة بعد انتهاء العقد المذكور آنفا، اعتمدت الجماعة شركتين جديدتين في تدبير قطاع النظافة، وذلك بصفقة توافقية ناهزت قرابة 30 مليار سنتيم، بنسبة 60 في المائة من ميزانية الجماعة. ووقع الاختيار على شركتين مغربيتين، وهما «أرما» و«ميكومار»، عبر طلبات عروض مفتوحة، ولأول مرة تم اعتماد تغطية مقاطعتين في الآن نفسه، ويتعلق الأمر بمقاطعتي مغوغة وبني مكادة.

وانتقلت تكلفة تدبير النفايات المنزلية والنفايات المشابهة لها من 17 مليارا إلى 30 مليار سنتيم سنويا مع الشركتين الجديدتين، إضافة إلى 13 مليارا سنويا تخص مطرح النفايات العمومي الجديد، ليصل المبلغ النهائي إلى 43 مليار سنتيم سنويا، ككلفة إجمالية ستتحملها جماعة طنجة كل سنة لتدبير مرفق النظافة.

ويمثل الأمر، أكثر من 60 ‎في المائة‎ من ميزانية جماعة طنجة السنوية، في حين نجد أن 30‎ في المائة فقط من سكان طنجة هم من يؤدون ضريبة النظافة لجماعة المدينة، فيما 70‎ في المائة‎ من السكان لا يؤدونها، بما فيها أحياء سكنية راقية ومقاه ومطاعم وفنادق مصنفة، وهي النقطة التي تم إدراجها أخيرا عبر تحيين القرار الجبائي لوضع ضرائب على الفنادق، محددة في 443 درهما للطن الواحد، بخصوص الفنادق والمطاعم المصنفة، مقابل نقل نفاياتها من طرف الجماعة.

وكان اختيار المجلس الجماعي لمدينة طنجة قد وقع على هاتين الشركتين لتدبير ملف النظافة والنفايات المنزلية، بعد أن انتهى العقد الذي جمعه بشركتي «صولمطا»، و«سيطا بوغاز»، لمدة خمس سنوات. وسبق أن تنافست ثماني شركات على هذه الصفقة، قبل أن يقع الاختيار على شركتين، وتم هذه المرة تقسيم نفوذ تدبير هذا الملف على مقاطعتين، حتى يتسنى تفادي الخلط الذي وقع خلال الفترة السابقة، على خلفية الضغط الذي جعل سكان المدينة يلجأون مرارا إلى الاحتجاج، نتيجة إغراق بعض الأحياء بالنفايات المنزلية.

وإذا كانت جماعة طنجة خلال الفترة الأخيرة لحزب « البيجيدي » على رأس المجلس، قد وقع اختيارها على الشركتين المذكورتين آنفا، فإن الوضع الحالي حسب الجميع أضحى مقلقا، إذ رغم ملايير السنتيمات التي خصصت لهذه الصفقة الضخمة، فإن الروائح الكريهة ما زالت سيدة الموقف بكل أحياء المدينة، واتضح في ما بعد أن هاتين الشركتين لم تكونا في المستوى المطلوب من حيث التوفر على أسطول يوازي حجم عاصمة البوغاز، لتلجآن إلى الاقتراض لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

بعد الاتهامات التي وجهت إلى هاتين الشركتين، والشكايات والصور التي تبث على مواقع التواصل الاجتماعي، سارعت شركة النظافة «أرما»، المكلفة بتدبير مرفق النظافة بمنطقة طنجة الشرقية، إلى احتواء الأزمة الخفية التي اندلعت بينها وبين المجلس الجماعي، الذي طالبها مرارا بتجويد أسطولها، لتفادي الوضع القاتم الذي تشهده شوارع مدينة طنجة، بحيث اقتنت 112 من الآلات ومعدات الجمع والتنظيف، و98 من المركبات والدراجات النارية، فيما يضم فريق العمل قرابة 961 عاملا، بالإضافة إلى إلزام الشركة بأن تقوم بحملات تحسيسية واسعة لفائدة السكان، تهدف إلى حث وتشجيع الجميع على النظافة.

لكن أمام استمرار الحالة على ما كانت عليه، هنا يطرح السؤال لماذا تغيب المراقبة والمحاسبة في صفقات التدبير المفوض؟، ويبقى المواطن أكبر متضرر من هذه السياسة..

الأخبار ذات الصلة

1 من 768