اعتبر الخبير الأمني والجيوستراتيجي الشرقاوي الروداني أن احتضان مدينة مراكش لأشغال الدورة العامة للإنتربول ليس مجرد حدث سنوي عادي، بل مناسبة استثنائية تحمل دلالات عميقة مرتبطة بالتحولات الأمنية العالمية وصعود المغرب كفاعل جيوأمني قادر على إنتاج الأمن على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة في إفريقيا والمحيط المتوسطي والأطلسي.
وأكد الروداني أن انعقاد الاجتماع في وقت تتصاعد فيه التهديدات الهجينة، من هجومات سيبرانية وتضليل رقمي إلى شبكات الجريمة العابرة للقارات والتنظيمات الإرهابية، يجعل من مراكش منصة رمزية لاستشراف مستقبل الأمن العالمي، نظرا لما راكمته المملكة من قدرات تكنولوجية واستخباراتية وميدانية أثبتت فعاليتها في العمليات الأكثر حساسية للإنتربول.
وأوضح أن الحدث يأتي في سياق عالمي مضطرب، حيث تتفكك البنى الأمنية في الساحل الإفريقي وتتراجع قدرة بعض الدول على ضبط حدودها، ما يجعل الحاجة إلى شراكات أمنية موثوقة ضرورة ملحة. وقال إن الإنتربول وجد في المغرب شريكا موثوقا بفضل بنياته التقنية المتقدمة ومنظومته المؤسسية التي أصبحت نموذجا يحتذى به في مواجهة المخاطر العابرة للحدود.
وأشار الروداني إلى الدور المتقدم الذي يلعبه المغرب داخل الإنتربول، حيث انتقل من مجرد متعاون إلى فاعل يقود العمليات الدولية الكبرى على الأرض، من خلال أربع مبادرات أساسية، منها عملية FOGLIGHT لملاحقة الإرهاب العابر للحدود، وعملية I-HYPNOS لمكافحة الجريمة السيبرانية، وعملية THUNDER لملاحقة شبكات تهريب الأسلحة، ومبادرة NEPTUNE لتأمين موانئ المتوسط، معتبرا أن هذه العمليات أبرزت القيادة الميدانية المغربية وقدرتها على دمج التكنولوجيا المتقدمة في العمل الأمني.
وختم الروداني تصريحه بالتأكيد على أن المغرب دخل مرحلة جديدة داخل الإنتربول، لم تعد تقتصر على تبادل البيانات أو المشاركة في العمليات، بل تمتد إلى إعادة صياغة المعادلات الأمنية في الفضاء الإفريقي والمتوسطي، عبر قيادة برامج التكوين والتطوير المعلوماتي وتعزيز الذكاء الأمني، وترسيخ شراكات جنوب- جنوب تجعل من المغرب محورا مركزيا في هندسة الأمن الدولي.













