في مشهد صادم ومستفزّ للمغاربة، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه أحد الأشخاص وهو يتفوّه بعبارات نابية وعدوانية تمسّ شخص جلالة الملك محمد السادس، رمز الأمة وضامن وحدتها واستقرارها.
المقطع، الذي تداوله رواد المنصات على نطاق واسع، أثار موجة غضب عارمة في الشارع المغربي، لما تضمّنه من تجاوزات أخلاقية وقانونية تمسّ الثوابت الوطنية والمقدسات التي تجمع المغاربة عبر العصور.
لم يكن ما ورد في الفيديو مجرد “تفاهة رقمية” عابرة، بل طعنة في قلب الوطنية، كما وصفها كثير من المواطنين الذين عبّروا عن استيائهم العميق من مستوى الانحطاط الخطابي الذي وصل إليه بعض المتنطّعين على المنصات.
فالإساءة إلى شخص الملك ليست رأياً ولا حرية تعبير، بل عدوان على رمز الدولة ومكانة المؤسسة الملكية التي تشكل عمود الاستقرار السياسي والاجتماعي للمغرب.
عشرات التدوينات والمقالات تفاعلت مع الحادثة، مطالبةً السلطات القضائية بفتح تحقيق فوري ومتابعة الشخص الذي ظهر في الفيديو، وفقاً للقوانين التي تجرّم المساس بالمقدسات ورموز الدولة.
وفي الوقت نفسه، دعا العديد من النشطاء إلى عدم الترويج لمثل هذه المواد المسيئة، لما تمثله من خطر على السلم الاجتماعي، وحماية صورة المغرب في الخارج من التشويه المقصود الذي يمارسه بعض الحاقدين والمأجورين.
ظاهرة تفضح أزمة وعي وانتماء
ما يثير القلق ليس فقط مضمون الفيديو، بل الكمّ الكبير من المتابعين الذين ينجذبون إلى هذه الخطابات السامة، يعجبون بها، ويتفاعلون معها كأنها حقائق أو مواقف وطنية.
هذا السلوك – كما يرى مختصون في علم الاجتماع – يعكس أزمة عميقة في الوعي والانتماء الوطني، حيث يسهل على البعض الانسياق وراء من يدّعي “الدفاع عن الوطن”، بينما هو في الواقع يكنّ له الحقد ويزرع الكراهية في نفوس الشباب.
الدفاع عن الرموز… دفاع عن الوطن
إن احترام رموز البلاد ليس مسألة شكلية، بل قيمة راسخة في وجدان كل مغربي حرّ يدرك أن مكانة الملك ليست شأناً شخصياً، بل عنوان لوحدة الأمة واستمرار الدولة.
ولذلك فإن كل إساءة إلى شخص الملك هي إساءة إلى الوطن برمّته، وإلى تاريخ طويل من النضال والتلاحم الذي جمع العرش بالشعب في السراء والضراء.
نحو تصدٍّ وطني للخطاب الهدّام
أمام هذا التدهور في الخطاب الرقمي، أصبح من الضروري تحصين الفضاء الإلكتروني من سموم التحريض والعداء للوطن، من خلال نشر ثقافة المواطنة الرقمية، وتشجيع المحتوى الهادف الذي يعزز الثقة والانتماء.
فمواجهة مثل هذه الظواهر لا تكون فقط بالعقاب القانوني، بل بإعادة بناء الوعي الجمعي على أسس احترام الرموز، والاعتزاز بالهوية، والتمييز بين النقد البنّاء والخيانة المقنّعة.
القضية تتجاوز واقعة فردية إلى مؤشر خطير على تآكل الحس الوطني لدى بعض الفئات التي تتعامل بخفة مع مقدسات البلاد.
وإذا كان من درسٍ يُستفاد من هذا الحادث، فهو أن الدفاع عن الوطن يبدأ من الكلمة، وأن السكوت عن الإساءة مشاركة في الجريمة الرمزية ضد وحدة الأمة وكرامتها.