تحقيق عاجل يكشف شبكة تلاعبات بالجبايات المحلية.. وقواد وباشوات في دائرة الاشتباه

باشرت السلطات الترابية في الأقاليم المحيطة بالمدن الكبرى (الدار البيضاء، الرباط، أكادير، طنجة) أبحاثاً إدارية مستعجلة، بأمر من المصالح الولائية، على خلفية اشتباه واسع في استعمال مئات الشهادات الإدارية المزورة أو غير القانونية للتهرب من أداء مستحقات “الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية”.

وكشفت مصادر عليمة أن التحقيقات الأولية، المرتكزة على تقارير داخلية لأقسام “الشؤون الداخلية” بالعمالات، أثارت اختلالات جسيمة في تحصيل الجبايات المحلية، أبرزها التأشير على شهادات إدارية خارج المسطرة القانونية، التي تتطلب المرور باللجان المختلطة لإثبات الطابع الفلاحي للمساحات المعفاة.

شهادات مشبوهة وإعفاءات للأعيان والمقاولين
تضمنت التقارير إشارات واضحة إلى أن هذه الشهادات، التي تحمل توقيعات قواد وباشوات، منحت إعفاءات مشبوهة لأعيان ومنتخبين، رغم أن عدداً من المستفيدين هم في الأصل مقاولون وليسوا فلاحين يحق لهم الإدلاء بهذه الصفة. كما أشارت التقارير إلى اختلالات في تقدير الرسوم واستعمال وصولات غير مدرجة في السجلات الرسمية.

وأكدت المصادر تورط رؤساء جماعات في مستنقع هذه التلاعبات، حيث جرى تحويل ملفات عدد منهم إلى النيابة العامة، بناءً على تقارير صارمة صادرة عن اللجان المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجالس الجهوية للحسابات، إلى جانب شكايات من متضررين. هذه الملفات فضحت جرائم غدر ضريبي واختلالات في تحصيل المداخيل الجماعية، ما جرّ منتخبين سابقين وحاليين أمام قضاة التحقيق المكلفين بجرائم الأموال.

من بين المخالفات المكتشفة أيضاً، تضريب أراض معفية بحكم القانون باعتبارها مناطق خضراء، ما زاد من حدة المنازعات القضائية بين الملزمين والجماعات الترابية.

القانون الجديد يهدد المستفيدين بالحجز
يأتي هذا التحرك الإداري والقضائي تزامناً مع دخول القانون 14.25 حيز التنفيذ، والذي نقل تدبير الرسوم الجماعية إلى المديرية العامة للضرائب، في إطار إصلاح شامل للمنظومة الجبائية المحلية. ويهدف هذا الإصلاح إلى ملاءمة أسعار الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية مع مستوى التجهيز في المناطق المعنية، وإحداث إدارة جبائية جهوية ومحلية موحدة.

ويواجه الآن المستفيدون من الإعفاءات غير القانونية خطر الحجز على أموالهم، خاصة بعد أن بدأت إدارة الضرائب والخزينة العامة للمملكة بالاعتماد على مذكرات المعلومات (Notes de renseignement) المُحيَّنة الواردة من الوكالات الحضرية، وتهميش الشهادات الإدارية القديمة عند معالجة ملفات التفويت العقاري. وقد ساهم هذا الإجراء في رفع وتيرة التحصيل الجبائي إلى مستويات قياسية.

وتكشف مصادر الجريدة أن مواصلة جماعات ترابية التأشير على شهادات الإعفاء الإدارية، حتى بعد تغيير تنطيق الأراضي منذ سنوات طويلة من فلاحية إلى سكنية وصناعية، هو ما أدى إلى نشوب نزاعات قضائية خطيرة، ويطعن في قانونية وصلاحية هذه الشهادات.

وكان قسم المنازعات بمديرية المؤسسات المحلية التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية قد وجه في وقت سابق مراسلات إلى المصالح الجماعية، عبر الولاة والعمال، تطالب بتقارير مرقمة حول قيمة التعويضات المحولة لملاك بموجب أحكام قضائية، وحول سير التقاضي والالتزام بالمساطر القانونية عند التحصيل، مما يؤكد سعي الإدارة المركزية لضبط الفوضى في قطاع الجبايات.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬163

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *