أزمة المقابر في المدن الكبرى: الداخلية ترصد الإهمال وتوجّه بالإغلاق والتحصين من “لوبيات” العقار.

استنفر ولاة الجهات وعمّال العمالات والأقاليم رؤساء المجالس الجماعية ضمن نفوذهم الترابي من أجل الإسراع في إعداد مقررات جماعية تقضي بإغلاق مقابر وصلت إلى أقصى طاقتها الاستيعابية، استعداداً لعرضها في دورات استثنائية للمصادقة عليها، مع توفير بدائل للمقابر المراد إغلاقها؛ وذلك من خلال التعجيل بتنفيذ مشاريع مؤجلة، والحصول على أراضٍ إضافية لتوسعة المقابر القائمة.

وقالت مصادر عليمة إن السلطات الترابية في عدة جهات استندت في تحركها إلى محاضر معاينة وضبط أُنجزت لإحصاء عدد فضاءات الدفن الشاغرة في المقابر الحالية والقدرات الاستيعابية للمدافن التابعة للجماعات الحضرية والقروية، بالتنسيق مع مكاتب تدبير المقابر في المصالح الجماعية.

وأفادت مصادر صحفية بأن المقررات الجماعية المقبلة ستتضمن توجيهات بتبني هياكل تنظيمية جديدة في المقابر البديلة، تنهي “فوضى” الدفن وبناء وصيانة القبور و”المتاجرة” في مساحات الدفن الخاصة.

وكشفت المصادر نفسها عن توجيه الولاة والعمال رؤساء الجماعات والمقاطعات إلى الإسراع بإيجاد صيغ لتسوية وضعية عقارات المقابر القديمة، وتحصينها من أطماع “لوبيات” العقار، خصوصاً بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وسط الأحياء السكنية والتكتلات العمرانية ذات القيمة العقارية العالية.

وشددت مصادرنا على أن التوجيهات امتدت لتشمل ضرورة التنسيق مع مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من أجل إيجاد سبل كفيلة بالتصرف في العقارات المشار إليها، خصوصاً أن آخر جثمان دُفن في بعضها يعود إلى أربعين سنة؛ وهي المدة القانونية التي تسمح بالتصرف في عقارات المقابر وإزالة القبور.

وتوصلت المصالح المركزية بوزارة الداخلية، حسب مصادر الجريدة، بتقارير تحت الطلب، لرصد وضعية المقابر على مستوى الجهات والأقاليم، حيث أشارت إلى معضلتين أساسيتين؛ تتعلق الأولى بنقص المساحات المخصصة للدفن، خاصة في المدن المتوسطة والكبيرة. أما المعضلة الثانية فتتعلق بالإهمال والتفريط الذي تتعرض له، حيث تحولت بعض المقابر إلى فضاءات للإجرام والاختطاف.

ولفتت المصادر العليمة إلى أن التقارير المتوصل بها أثارت غياب إطار قانوني يضمن توفير العقار وحماية المقابر من انتهاك حرمتها، في إشارة إلى ممارسات الدجالين والمشعوذين والمشردين.

وحذرت تقارير الداخلية، وفق مصادر صحفية، من تنامي “المضاربات في الدفن” وتأثيرها السلبي على الموتى وذويهم، منبهة إلى الوضعية الكارثية التي آلت إليها مقابر كبرى، خصوصاً مقبرة “الغفران” بالدار البيضاء التي باتت تستقبل أكثر من 60 ميتاً يومياً.

من الجدير بالذكر أن ملف تدبير المقابر المهجورة يعرف تعقيدات قانونية ودينية، حيث لا تزال بعض القبور القديمة ظاهرة بصعوبة وسط الحشائش الطفيلية والأزبال؛ فيما توجد مقابر أخرى انتهت مدة صلاحيتها، خصوصاً في وسط المدن الكبرى، دون أن تُستكمل إجراءات الاستفادة من عقاراتها التابعة لوزارة الأوقاف، رغم تشكيل لجان مختلطة من وزارة الأوقاف والمجلس العلمي الأعلى والعمالات للبتّ في مصيرها، وتحويل عقاراتها للمنفعة العامة، مع مقترحات ببناء مساجد ومكتبات وفضاءات ثقافية فوقها.

وحسب إحصائيات أثيرت خلال جلسة برلمانية أقيمت في مجلس النواب بحضور أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فإن المغرب يحتاج إلى نحو 100 هكتار سنوياً لدفن موتاه، بعدما امتلأت أغلب المقابر عن آخرها، خاصة في المدن التي عجزت عن تلبية حاجيات الأسر؛ ما أدى إلى اصطدام القائمين عليها بالمنتخبين الذين اشتكوا بدورهم من نقص العقار بسبب تهافت المنعشين العقاريين عليه لبناء التجزئات السكنية، دون اكتراث بمشكل المقابر.

الأخبار ذات الصلة

1 من 895

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *