كشفت عمالة أكادير إداوتنان عن ملامح استراتيجيتها التنموية الجديدة، تحت عنوان “الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة”، في وثيقة تشخيصية وضعت الأصبع على الفوارق المجالية الصارخة، مؤكدة أن التحدي الأكبر يكمن في سد الهوة بين المركز الحضري والمناطق الجبلية النائية.
يأتي هذا البرنامج الطموح تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية إلى مقاربة مجالية مندمجة، تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية وتدارك الفوارق الاجتماعية.
جبال الأطلس الصغير في عين الإعصار
التحليل الأولي للعمالة، التي يغلب عليها الطابع الجبلي بنسبة 85%، أظهر تفاوتاً حاداً رغم تدني المؤشر الإقليمي للفقر متعدد الأبعاد (0.011) مقارنة بالمعدل الوطني. فالأرقام الرسمية تشير بوضوح إلى أن 11 جماعة تتجاوز معدل الفقر الإقليمي، وتتركز جميعها في المجال القروي والجبلي.
وتتصدر جماعة أزيار هذه اللائحة بمؤشر فقر يلامس 0.181، تليها تدرارت وإيموزار، وهو ما يؤكد أن جهود التنمية لم تصل إلى قلب المجالات الجبلية التي تعاني من الهشاشة المزدوجة والتهميش المزمن، مما يهدد بمزيد من الهجرة، خاصة بعد تسجيل 8 جماعات نقصاً في عدد سكانها ما بين 2014 و 2024.
بطالة الشباب.. قنبلة موقوتة
وبالإضافة إلى التحدي المجالي، يبرز ملف الشباب كـ “قنبلة موقوتة” تتطلب تدخلاً عاجلاً. فقد سجلت العمالة معدل بطالة مرتفع بلغ 13.3%، لكن الصدمة الكبرى تكمن في مؤشر الشباب غير المشتغلين أو غير المتابعين للتعليم أو التكوين ، الذي وصل إلى نسبة مقلقة هي 50.2% في عام 2024.
هذا الوضع يفرض إعادة توجيه الاقتصاد المحلي الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الفلاحة (49.4% من فرص الشغل)، نحو قطاعات جديدة قادرة على امتصاص هذه النسبة الهائلة من الشباب غير المندمج.
استراتيجية التكامل والتضامن الترابي
ولمعالجة هذا الوضع، اعتمدت الاستراتيجية الجديدة على تقسيم العمالة إلى ثلاثة أقطاب تنموية بناءً على مؤهلاتها وخصوصياتها الاقتصادية:
المجال الساحلي: للتركيز على السياحة الشاطئية وتربية الأحياء البحرية.
المجال شبه الحضري: لدعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والصناعة التقليدية.
المجال الجبلي (الأكثر هشاشة): لتطوير السياحة الجبلية والاقتصاد الاجتماعي في محاولة لمواجهة الفقر والحد من الهجرة.
ويبقى “الجيل الجديد من البرامج” برنامج إنقاذ لهذه المناطق الهشة وتجسيداً عملياً لمبدأ التضامن الترابي. إن نجاح هذه الخارطة مرهون بمدى قدرتها على تحويل المناطق الجبلية، التي عانت طويلاً من التهميش، إلى قاطرة للتنمية المستدامة والشاملة للعمالة.












