هزّت الأوساط السياسية والمنتخبة في إقليمي أكادير وتارودانت، إثر توجيه سؤال كتابي “قوي” لوزير التجهيز والماء، يكشف عن شبهات حول توجيه غير عادل للميزانية الضخمة المخصصة لتهيئة البنية التحتية الطرقية في العالم القروي والجبال. السؤال، الذي تقدم به النائب البرلماني السيد حميد وهبي، يشير بأصبع الاتهام مباشرة إلى الاستفراد السياسي بالمال العام، على حساب العدالة المجالية.
ويعتبر السؤال الكتابي، الذي اطلعت عليه “الجريدة”، وثيقةً تفصيلية تطرح علامات استفهام كبرى حول عملية تدبير وتنفيذ اتفاقيات الشراكة المتعلقة بالبرنامج الأولي لربط الجماعات القروية بكل من أكادير وتارودانت بالطرق الجهوية والوطنية.
تحويلات “غامضة” للميزانية واستثناء جماعات
يشير النائب وهبي إلى أن ساكنة ومنتخبي الجماعات القروية استبشروا خيراً بالميزانية “الهامة” التي رصدتها الوزارة للنهوض بالطرق، والتي كان من المفترض أن تتم عبر اتفاقيات شراكة ثنائية بين الجماعات والمصالح الإقليمية للوزارة، أو من خلال دعم مالي للمجلس الإقليمي لتدبير هذه البرامج.
لكن الصدمة، وفقاً للسؤال البرلماني، تكمن في المعلومات التي تسربت لعدد من المنتخبين والإعلام المحلي، والتي تؤكد أن “الأموال الضخمة” قد تم تحويلها بـ**”ضغط من منتخب كبير من حزب الوزير”** إلى المديرية الجهوية والإقليمية لوزارة التجهيز.
ويؤكد النائب أن هذه المديرية شرعت في تنفيذ الاتفاقيات، لكنها اختارت جماعات “ذات لون سياسي واحد”، حيث “استولت على 90% من الميزانية العامة المرصودة لهذه الطرق”.
إقصاء “الألوان السياسية الأخرى” يهدد العدالة المجالية
يصف السؤال وضع باقي الجماعات القروية، التي تنتمي إلى “الألوان السياسية الأخرى”، بأنها “تتفرج على هذا الإقصاء من المال العام ومن الحق في العدالة المجالية”. ويزيد الأمر تعقيداً كون هذه الجماعات كانت قد تلقت اتفاقيات الشراكة وبرمجتها للمصادقة في دورات استثنائية، قبل أن تجد نفسها اليوم خارج دائرة الاستفادة.
إن هذا التوزيع “غير الديمقراطي” للمشاريع يضرب في الصميم مبدأ “النهوض بالبنية التحتية الطرقية بالعالم القروي”، والذي يعتبره وهبي من المداخل الأساسية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. فإذا كانت التنمية رهينة بالانتماء السياسي للجماعة وليس بحاجتها الفعلية، فإن هذا يفتح الباب أمام تهميش مناطق بأكملها.
مطالبة بـ”دمقرطة” برامج الطرق
وختاماً، وجه النائب وهبي سؤاله الاستنكاري إلى وزير التجهيز والماء حول “التدابير العاجلة” التي سيتخذها لـ**”دمقرطة توزيع برامج الطرق على جميع الجماعات وليس فقط ذات لون سياسي واحد”**.
ويضع هذا السؤال وزير التجهيز في موقف محرج، حيث يتوجب عليه تقديم إجابات واضحة وموثقة حول الآليات التي اعتُمدت في توزيع هذه الميزانية الهامة. وإلى حين الإجابة، يبقى ملف العدالة المجالية في إقليمي أكادير وتارودانت مفتوحاً، وميزانية التجهيز تحت مجهر الرقابة البرلمانية والإعلامية، للتأكد من أنها تخدم الصالح العام بعيداً عن أية حسابات حزبية ضيقة.













