حادثة سير مميتة بإنزكان: دراجات نارية تحصد أرواح الشباب وسط غياب الوعي الأسري

شهد حي الرمل بتراست  قبل قليل حادثة سير مميتة، بعدما اصطدمت دراجتان ناريتان كان يقودهما شابان بسرعة جنونية، في مشهد مأساوي انضاف إلى سلسلة طويلة من الحوادث التي تحصد يومياً أرواح الشباب بالمغرب. الحادث خلف صدمة كبيرة بين المارة والأسر التي هرعت إلى عين المكان، وهو ما يطرح مجدداً أسئلة جوهرية حول دور العائلة، وقلة الوعي، وتنامي ظاهرة اقتناء الدراجات النارية وسط شباب يعانون البطالة والفقر.

شباب عاطلون… ودراجات قاتلة

المفارقة التي تثير الاستغراب أن عدداً كبيراً من الشباب العاطلين عن العمل لا يجدون قوت يومهم، لكنهم في المقابل يمتلكون دراجات نارية، غالباً بدون وثائق سليمة أو تجهيزات وقائية، ويسوقونها بسرعة مفرطة، وكأنهم يتسابقون مع الموت. هذه الظاهرة لا ترتبط فقط بالتهور، بل تكشف عن خلل عميق في منظومة التوجيه الأسري والرقابة الاجتماعية، حيث تغيب التربية المرورية من البيت لتظهر آثارها الكارثية في الشارع.

دور الأسرة الغائب

الحادثة تعيد إلى الواجهة مسؤولية الأسر في توجيه أبنائها وضبط سلوكياتهم. فبينما يحرص بعض الآباء على توفير المال لشراء دراجة لأبنائهم، يغفلون عن ضرورة توعيتهم بخطورتها، أو فرض شروط لاستعمالها. الأسر التي كان يفترض أن تكون حصناً للتربية والتقويم، أصبحت في حالات كثيرة شريكاً غير مباشر في هذه المآسي عبر التهاون أو الصمت.

أرقام صادمة لحوادث السير

تؤكد الأرقام الرسمية الصادرة عن اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أن المغرب يسجل سنوياً أكثر من 3.500 قتيل بسبب حوادث الطرق، وحوالي 100 ألف جريح، وهو ما يجعله ضمن الدول التي تعاني من نزيف بشري واقتصادي خطير. وتشير المعطيات ذاتها إلى أن نسبة كبيرة من هذه الحوادث مرتبطة بالدراجات النارية، خاصة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة.

الحاجة إلى وعي جماعي

الموت المجاني على الطرقات لم يعد مجرد قضاء وقدر، بل نتيجة مباشرة لضعف الوعي المروري، وتقصير الأسر. إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب حملة وطنية شاملة تشارك فيها الدولة، والمجتمع المدني، والإعلام، إلى جانب الأسر، لترسيخ ثقافة احترام قانون السير وإعادة الاعتبار للحياة الإنسانية.

الحادثة المميتة التي وقعت اليوم ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل دامٍ، ما لم يتحرك الجميع لإيقاف هذا النزيف الذي يحصد أرواح شباب في ربيع عمرهم، ويزرع المآسي في بيوت مغربية كل يوم.

الأخبار ذات الصلة

1 من 826