تتجه التطورات الأخيرة داخل غرف الصناعة التقليدية نحو مزيد من التعقيد، بعد إعلان النقابات الممثلة للموظفين عن تصعيد موقفها تجاه كاتب الدولة المكلف بالقطاع، لحسن السعدي، معتبرة أن إدارة ملف النظام الأساسي تفتقر إلى الشفافية وتهمّش المعنيين المباشرين.
وأفادت مصادر نقابية أن اللقاء الذي دعا إليه السعدي يوم 28 شتنبر الجاري بهدف المصادقة على الصيغة النهائية للنظام الأساسي، “لا يرقى إلى مستوى الحوار الجاد”، مشيرة إلى أنه لقاء مغلق يستثني الموظفين الذين يشكلون الركيزة الأساسية لأي إصلاح.
وحذرت كل من النقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية (منضوية تحت الفيدرالية الديمقراطية للشغل) والنقابة الوطنية التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من أن فرض النظام الأساسي دون توافق قد يؤدي إلى خطوات احتجاجية أقوى، معتبرة أن المسؤولية تقع بالكامل على كتابة الدولة في تأجيج الوضع.
وقالت النقابات في بيان لها إن الحكومة تتعاطى مع مطالب الشغيلة بمنطق التجاهل، في وقت يطالب فيه الموظفون منذ سنوات بإطار قانوني يحفظ حقوقهم المهنية والأجرية ويضع حدًا للهشاشة التي يعيشها عدد منهم.
وأكد أشرف محمد السياح، الكاتب الوطني العام للنقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية وعضو الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الشغيلة نظمت يوم 24 شتنبر محطة احتجاجية تمثلت في ارتداء الشارة الحمراء، للتعبير عن رفض الإقصاء الممنهج الذي طال ممثليها في النقاش حول مشروع النظام الأساسي.
وأضاف السياح، في تصريح له، أن كتابة الدولة عمدت إلى استدعاء أطراف أخرى مثل الرؤساء والمديرين الجهويين، مع تغييب النقابات والموارد البشرية المتخصصة، رغم كونها الطرف المعني مباشرة بهذا الإصلاح. وأشار إلى أن مضامين مسودة النظام الأساسي ظلت سرية، ما يضع الموظفين في وضع “المكتوبين بقلم رصاص”، إذ يشتغلون داخل مؤسسات عمومية لكن خارج أي إطار قانوني واضح يحمي حقوقهم وواجباتهم.
وحذر القيادي النقابي من أن أي تراجع في النظام الأساسي سيكون بمثابة نكوص على ما راكمه المغرب في المجال الإداري والحقوقي، وقد يحول العاملين إلى مجرد أجراء بلا حماية داخل قطاع عام يُفترض أن يحكمه قانون المؤسسات والدولة.
وأوضح السياح أن الدعوة وجهت لكافة النقابات، بما فيها النقابة الوطنية لقطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني (منضوية تحت الاتحاد المغربي للشغل)، لكن الاستجابة والتنسيق كانت مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في انتظار مخرجات اللقاء المقرر يوم 28 شتنبر بأكادير.
وأكد المتحدث أن النقابات مستعدة لكل الأشكال النضالية المحتملة، وأن أي إقصاء جديد سيدفعها إلى اتخاذ خطوات تصعيدية على المستويات المؤسساتية والتشريعية والإدارية، داعيًا كتابة الدولة إلى إيجاد حلول عاجلة وإشراك الفاعلين الأساسيين بدلاً من تهميشهم.
وأشار السياح إلى أن التعامل مع الشغيلة يتم وكأنها مجرد “رأي عام” أو متتبع عادي، لا طرف أساسي في النقاش، معتبرًا أن هذا الإقصاء يعكس نظرة اختزالية ترى الموظفين مجرد أرقام داخل بنايات إسمنتية، دون الاعتراف بدورهم المحوري في تطوير الغرف المهنية.
ويذكر أن ورش إصلاح غرف الصناعة التقليدية ظل يتعثر في تجارب حكومية سابقة بسبب غياب إشراك حقيقي للموارد البشرية، ومع اقتراب موعد 28 شتنبر، يتخوف الموظفون من أن تمرير النظام الأساسي في غياب توافق واسع قد يؤدي إلى موجة احتجاجات جديدة، في وقت تتطلب فيه الصناعة التقليدية استقرارًا تنظيمياً لمواجهة تحديات المنافسة الداخلية والخارجية.