في خضم الاحتجاجات المتصاعدة التي عمت مختلف المدن المغربية تنديداً بواقع المنظومة الصحية، تبرز معاناة سكان جماعة بيكودين بإقليم تارودانت كنموذج صارخ لما يعانيه المواطنون في المناطق النائية. فبينما يطالب المتظاهرون بتحسين الخدمات الصحية وتوفيرها، يظل سكان هذه الجماعة يواجهون واقعاً مريراً يتمثل في إغلاق مركزهم الصحي وغياب تام للأطر الطبية، ما يضطرهم إلى خوض رحلة عذاب يومية بحثاً عن العلاج.
يعيش آلاف المواطنين في بيكودين على وقع إغلاق المركز الصحي المحلي، الذي كان من المفترض أن يكون ملاذاً لهم في الحالات الطارئة وأساساً للرعاية الأولية. وبسبب الغياب المتكرر للطبيب والممرضين، أصبح هذا المرفق الحيوي مجرد بناية مغلقة، لا تقدم أي خدمة لساكنة تثقلها ظروف العيش الهشة. هذا الوضع يفرض على المرضى، سواء كانوا من كبار السن أو الأطفال أو الحوامل، التنقل لمسافات طويلة وقطع عشرات الكيلومترات للوصول إلى مستشفيات أولاد تايمة أو تارودانت أو حتى أكادير، مما يضاعف من معاناتهم وتكاليفهم المالية، وقد يعرض حياتهم للخطر في حالات المرض المستعجلة.
لم تقف جمعيات المجتمع المدني في المنطقة مكتوفة الأيدي أمام هذا الواقع، بل بادرت بتوجيه عدة مراسلات إلى المندوبية الإقليمية للصحة، ناشدت من خلالها السلطات التدخل العاجل والفوري لإعادة فتح المركز وتوفير فريق طبي دائم. وأكدت هذه الجمعيات في مراسلاتها أن استمرار الوضع الحالي هو انتهاك صريح للحق الدستوري في العلاج، وهو ما يزيد من إحباط السكان الذين يشعرون أن مطالبهم الأساسية يتم تجاهلها.
وفي ظل غياب أي تجاوب رسمي أو تحرك ملموس، يظل سكان جماعة بيكودين يواجهون مصيرهم في صمت، على أمل أن تصل صرخاتهم إلى المسؤولين، وأن تكون الاحتجاجات الوطنية الأخيرة دافعاً لإعادة الاعتبار للخدمات الصحية العمومية التي أصبحت حلماً بعيد المنال في هذه المنطقة.













