في سابقة لافتة، أصدرت المحكمة الإدارية حكمًا قضائيًا يُدين جماعة أيت ملول، ويكشف بالملموس حجم الإهمال الذي يطبع تدبير ملف عمال النظافة. الحكم قضى بإلزام الجماعة بأداء تعويضات مالية لفائدة عامل نظافة تعرض لحادث شغل أثناء مزاولته لمهامه، نتج عنه عجز دائم بنسبة 15% وعجز مؤقت دام 21 يومًا.
وبالأرقام، حددت المحكمة التعويض السنوي عن العجز الجزئي الدائم في 2.541,39 درهما، والتعويض المؤقت عن مدة العجز في 1.556,6 درهما، إضافة إلى 314,8 درهما كمصاريف طبية، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل الجماعة المصاريف القضائية.
لكن قيمة الحكم تتجاوز المبالغ المالية المحكوم بها، إذ اعتبرت المحكمة أن ما وقع ليس حادثًا عرضيًا، بل نتيجة طبيعية لـ سياسة الإهمال الممنهج التي تنهجها جماعة أيت ملول، في ظل غياب أبسط شروط السلامة المهنية. فعمال النظافة يُدفعون يوميًا إلى مواجهة مخاطر قاتلة بسبب تهالك الأسطول وغياب الصيانة، فيما يكتفي المجلس الجماعي بسياسة صماء تُغيب الحد الأدنى من مسؤولية الحماية.
الحكم، الذي حمّل الجماعة المسؤولية المباشرة، يُعد بمثابة صفعة قوية لرئيسها ومن معه، إذ لم يعد ممكنا تبرير الصمت أو الاختباء وراء مساطر إدارية. فالواقع الميداني يفضح تقاعس المجلس، ويحوّل التراخي إلى تواطؤ صريح مع بيئة عمل خطيرة تُهدد حياة من يُفترض أنهم عماد النظافة في المدينة.
إنها إدانة قضائية صريحة لسياسة الاستهتار في حق الفئة الأكثر هشاشة، ورسالة واضحة بأن حياة العمال ليست مجرد أرقام انتخابية ولا ورقة لتصفية الحسابات الداخلية، بل مسؤولية قانونية وأخلاقية تُحتِّم على الجماعة مراجعة مقاربتها جذريًا، وإعادة الاعتبار لعمال النظافة عبر شروط عمل لائقة تحترم كرامتهم وتضمن سلامتهم.
IMANE AYAD