انهيار طريق بإنزكان… ومضايقة صحفي يثيران أسئلة عن التدبير والشفافية

لم تكن حادثة انهيار جزء من شارع محمد الخامس بإنزكان، وغرق عجلة شاحنة داخل بالوعة مهترئة، مجرد “عطل فني” عابر، بل كانت صدمة كشفت المستور وفضحت ما يمكن وصفه بـ”كارثة هندسية” تقف وراءها صفقة بملايين الدراهم. في تزامن مفاجئ، لم تكن هذه الفضيحة وحدها، فقد سبقتها واقعة منع صحفي مهني من ممارسة عمله، مما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الشفافية وحرية الإعلام في متابعة المشاريع العمومية.

“صفقة المليارات” تتحول إلى “فضيحة” على الطريق:

بمجرد انطلاق أشغال تهيئة شوارع محمد الخامس والتعاون ومولاي علي الشريف، في صفقة بلغت قيمتها 4.2 مليار سنتيم، كان الشارع الإنزكاني يترقب تحولًا جذريًا في بنيته التحتية. ولكن، ومع أول “اختبار حقيقي” لصلابة الطرق الجديدة، تبددت آمال المواطنين. فقد أظهرت الصورة المتداولة على نطاق واسع غرق عجلة شاحنة، تابعة لشركة المقاولة نفسها، في حفرة كشفت عن رداءة الأشغال، مؤكدةً ما كان يخشاه الكثيرون: أن جودة العمل لا ترقى إطلاقًا إلى مستوى المال العام الذي تم إنفاقه.

هذه الحادثة الدرامية، التي وقعت على مرأى ومسمع الجميع، تثير تساؤلات حارقة: أين كانت اللجنة المكلفة بتتبع الأشغال ومراقبة الجودة؟ كيف سمحت هذه اللجنة بتمرير هذه الخروقات الواضحة، خاصة وأن المشروع كان قد بلغ مراحله النهائية؟ هل يتعلق الأمر بتقصير أم بتواطؤ؟ وإذا كانت الشاحنة التي نفذت الأشغال هي أولى ضحايا انهيار البنية التحتية، فماذا عن سلامة المواطنين وسياراتهم؟

في خضم هذه الكارثة الهندسية، أثيرت واقعة أخرى تزيد من التعقيد. فخلال تغطيته لأشغال تعبيد الطريق بشارع مولاي الشريف، تعرض الصحفي رشيد أنور مراسل جريدة صوت العدالة، المعروف بمتابعاته الدقيقة، للمنع والمضايقة من طرف مسؤولين بالشركة القائمة على المشروع. أراد أنور، كما هو حق الصحفي، أن يوثق الاختلالات الموجودة، وأن يوصل الحقيقة إلى المواطنين، لكنه واجه رفضًا قاطعًا، مما يثير تساؤلات جوهرية حول أسباب هذا المنع.

ما الذي تخشاه الشركة من توثيق ورش عمومي؟ هل هناك ما يتم إخفاؤه؟ وهل الصفة القانونية للشخص الذي منع الصحفي تتيح له ذلك؟ هذه الواقعة ليست مجرد حادثة منع عابرة، بل هي مساس خطير بحرية الصحافة وحق المواطن في الحصول على المعلومة. إن منع الصحفيين من توثيق المشاريع العامة يفتح الباب أمام الشكوك حول مدى شفافية التنفيذ، ويضع علامات استفهام حول وجود “شيء ما” يُراد إخفاؤه عن الرأي العام.

تطالب الأوساط الإعلامية والحقوقية، التي أعلنت تضامنها الواسع مع الصحفي رشيد أنور، بفتح تحقيق عاجل ونزيه في كلتا الواقعتين. يجب على السلطات المعنية الإجابة عن تساؤلات المواطنين حول جودة الأشغال، ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو تورطه في هذا الفشل الذريع. كما يجب إنصاف الصحفي رشيد أنور، وضمان حقه في ممارسة عمله بحرية، فالمشاريع العمومية ليست ملكًا لشركات أو أشخاص، بل هي ملك للمواطنين، وحقهم في المعلومة ومراقبة هذه المشاريع هو حق أصيل لا يمكن التنازل عنه.

إن حادثة انهيار الطريق في إنزكان، بالتزامن مع واقعة منع الصحفي، يجب أن تكون جرس إنذار للسلطات الإقليمية والمركزية، وأن تدفعها إلى إعادة النظر في آليات المراقبة والمساءلة، وتأكيد التزامها بالشفافية والوضوح في التعامل مع المشاريع التي تمول من جيوب دافعي الضرائب.

الأخبار ذات الصلة

1 من 777

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *