في خطوة تصعيدية تعكس إصرار الساكنة على استرجاع حقوقها، شهدت المؤسسة التشريعية بالرباط، أمس الثلاثاء 17 يونيو 2025، زيارة نوعية لوفد من أعضاء المكتب التنفيذي لجمعية “أكال” للدفاع عن أراضي الأجداد. هذه الزيارة لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت تتويجًا لتنسيق وتحضير مكثف بدأ منذ 22 ماي 2025 بمراسلات رسمية للفرق البرلمانية، لتقف اليوم أمام قبة البرلمان حاملةً ملفًا شائكًا ومُعقدًا: ملف أراضي الأجداد في كل من سيدي بيبي وآيت عميرة.
عقد وفد جمعية “أكال” سلسلة من اللقاءات مع عدد من الفرق البرلمانية، حيث استعرضوا بوضوح الإشكاليات المتعددة المرتبطة بأراضي الجموع، نزع الملكية، والصراعات العقارية المتكررة. تركز النقاش على المعاناة التي تواجهها الساكنة الأصلية، والتي يصفها ممثلو الجمعية بأنها ناتجة عن “تغول جهات تستغل النفوذ والاستثمار لانتزاع أراضٍ ظلت لأجيال في ملكية السكان”.
أكد أعضاء الجمعية أن هذا الملف تجاوز كونه مجرد نزاع عقاري عادي، ليأخذ أبعادًا اجتماعية، ثقافية، وحقوقية عميقة. فـ”أراضي الأجداد” ليست مجرد مساحات قابلة للاستثمار، بل هي مكون هوياتي وتاريخي لا يتجزأ من الوجود الأمازيغي في هذه المناطق. إنها جزء من ذاكرة جماعية وهوية متأصلة، لا يمكن فصلها عن حياة الأجيال المتعاقبة.
في ختام لقاءاتهم، طالب وفد “أكال” بضرورة تدخل الجهات المختصة لتفعيل حلول ملموسة وعاجلة. وتشمل مطالبهم الأساسية:
فتح تحقيق شامل في ملفات التحفيظ والنزاعات العقارية التي أثارت الكثير من علامات الاستفهام.
إيقاف فوري لكل أشكال “الترامي” غير المشروع على أراضي الجموع، وحماية هذه الأراضي من الاستغلال غير القانوني.
ضمان احترام الحقوق الجماعية والتاريخية للسكان الأصليين، وتثبيت ملكيتهم لأراضيهم التي توارثوها عن أجدادهم.
إعادة النظر في الترسانة القانونية المنظمة لأراضي الجموع، بهدف تحقيق الإنصاف والعدالة المجالية وضمان عدم تكرار مثل هذه النزاعات.
تأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه عدد من الجماعات الترابية بإقليم اشتوكة آيت باها احتقانات متزايدة على خلفية نفس الملف، وسط صمت رسمي يثير القلق.
إن خطوة جمعية “أكال” هذه بمثابة إشعار واضح بأن ملف أراضي الأجداد لن يُطوى بصمت، وأن صوت المتضررين سيظل يرتفع حتى يتحقق الإنصاف الكامل واسترجاع الحقوق.
فهل تتلقف المؤسسة التشريعية والجهات الحكومية هذه الرسائل النضالية بجدية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالكشف عن مصير هذا الملف المتجذر في أعماق الأرض والذاكرة.
وتعول جمعية “أكال” بشكل كبير على المؤسسة التشريعية لإحداث التغيير المنشود في هذا الملف الشائك. كما تستبشر الجمعية خيرًا بتعيين عامل إقليم جديد، آملة أن يكون من طينة المسؤولين الذين يسعون بجدية إلى الإنصات لمشاكل الساكنة وإيجاد الحلول العادلة والمنصفة، مما قد يفتح آفاقًا جديدة لمعالجة هذا الملف المتجذر في أعماق الأرض والذاكرة.