يبدو أن تطوراً استراتيجياً جديداً يلوح في الأفق في ملف الصحراء المغربية، حيث أفادت مصادر نقلها “معهد الآفاق الجيوسياسية” (Institut Géopolitique Horizons) أن الأمين العام للأمم المتحدة يستعد لتمديد مهمة ستافان دي ميستورا كمبعوث شخصي له إلى الصحراء المغربية حتى نهاية سنة 2026، في خطوة مفاجئة جاءت بعد توقعات قوية باستقالته الوشيكة.
ووفقًا للمعهد نفسه، فإن هذا القرار يأتي بعد أن كان دي ميستورا قد حدد، في أكتوبر 2024، مهلة نهائية مدتها ستة أشهر لتحقيق تقدم ملموس في الملف، ومع انقضاء هذا الأجل دون نتائج كبيرة، توقّع مراقبون إنهاء مهامه، غير أن اجتماعاً حاسماً جمع دي ميستورا بالدبلوماسية الأمريكية البارزة ليزا كينا، أدى إلى تحوّل جوهري في موقفه.
وبحسب مصدر دبلوماسي في واشنطن، فإن الموقف الأمريكي الواضح الذي عبّرت عنه كينا، أقنع دي ميستورا باعتماد نهج يتماشى مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في هذا الملف.
وخلال لقاء جمع وزير الخارجية ناصر بوريطة ونظيره الأمريكي ماركو روبيو في 5 أبريل 2025، جدّدت واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب، وقد شدد روبيو على أن هذا المقترح يشكّل “الأساس الواقعي والموثوق الوحيد لحل دائم”، مما يعزز من التوافق المغربي-الأمريكي حول هذا الملف.
وأشار معهد الآفاق الجيوسياسية إلى أن خارطة الطريق التي تم عرضها على دي ميستورا تشمل محاور رئيسية، من بينها:
اعتماد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كإطار وحيد للمفاوضات؛
تحويل بعثة المينورسو إلى مهمة مرافقة لتنفيذ الحكم الذاتي تدريجياً؛
تحديد جدول زمني ضيق للمفاوضات، مع إشراك متزايد لمجموعة أصدقاء الصحراء المغربية؛
تبنّي استراتيجية تهدف إلى تقليص تأثير الجزائر في مسار الحل.
ضغوط متعددة الأطراف لإحراز تقدم سريع.
إلى جانب الضغط الدبلوماسي الأمريكي، يضيف المعهد أن هناك ضغوطاً اقتصادية وسياسية تُمارس على الأمم المتحدة. فقد دعت شخصيات مؤثرة، مثل المحلل مايكل روبين عبر صحيفة Washington Examiner، إلى إعادة النظر في فعالية بعثة المينورسو، مشددين على ضرورة كسر الجمود الحالي. كما أعلن النائب الجمهوري جو ويلسون عن رغبته في تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، وهي خطوة من شأنها أن تغيّر موازين القوى في النزاع.
إذا ما تم تأكيد تمديد مهمة دي ميستورا خلال اجتماع مجلس الأمن منتصف أبريل، فإن ذلك – بحسب المعهد – سيمثل تحولاً كبيراً من خلال:
اصطفاف ضمني للأمم المتحدة مع الموقف الأمريكي، وترسيخ خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؛
تهميش متزايد للبوليساريو والجزائر، وتقليص قدرتهما على التأثير في مسار المفاوضات؛
تسريع وتيرة الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
قد يشكّل تمديد مهمة ستافان دي ميستورا تمهيداً لحل نهائي لهذا النزاع المستمر منذ نحو نصف قرن، فالتقارب الدبلوماسي بين الرباط وواشنطن، مدعوماً بانخراط أمريكي مباشر، يفتح آفاقاً واعدة لترسيخ السيادة المغربية على الصحراء.
ومع حلول الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في عام 2025، قد تُصبح هذه السنة مفصلية في مسار استكمال الوحدة الترابية للمملكة وإرساء حكم ذاتي فعلي في الأقاليم الجنوبية.