في قصة تُجسد معاناة المستثمرين الشباب، وجد شاب من الدشيرة الجهادية نفسه ضحية لأخطاء إدارية وقضائية، بعد أن استثمر كل ما يملك في مشروع ورشة صيانة. هذه الواقعة، التي أثارت غضبًا واسعًا، تكشف عن ثغرات خطيرة في منظومة حماية الاستثمار بالمغرب، وتطرح تساؤلات حارقة حول مصير أحلام الشباب في ظل بيئة قانونية غير آمنة.
بدأت القصة عندما قام المستثمر باستئجار مستودع صناعي، وبدأ في تجهيزه وتحويله إلى ورشة متكاملة. لكن طلبه لربط المحل بالماء والكهرباء كشف عن مفاجأة صادمة: العقار لا يزال مسجلًا باسم إحدى الشركات “، ولم تتم تسوية وضعه القانوني رغم مرور 20 عامًا، مما دفع ورثة المالك الأصلي إلى رفع دعوى قضائية للمطالبة بالإخلاء وإلغاء العقد.
قضت المحكمة التجارية لصالح الورثة استنادًا إلى شهادة ملكية ناقصة صادرة عن المحافظة العقارية، لم تتضمن معلومات هامة كان من المفترض أخذها في الاعتبار. هذه الوثيقة الناقصة مكنت الورثة من الحصول على حكم ابتدائي يقضي بإخلاء المستثمر من المستودع، رغم أنه كان يستغله منذ سنوات طويلة ويدفع واجبات كراء تجاوزت 76 مليون سنتيم. وبعد صدور الحكم الابتدائي، اكتشف المستثمر أن شهادة الملكية التي استندت إليها المحكمة كانت غير مكتملة، وأن المعلومات التي تم إغفالها كان من شأنها تغيير مسار القضية. وعلى الفور، سارع باستخراج شهادة ملكية جديدة تضمنت المعطيات الصحيحة، والتي أكدت وجود شروط تمنع تفويت العقار أو كرائه أو رهنه، وهي شروط كان يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل إصدار أي حكم بالإفراغ.
لم تتوقف الأزمة عند خسارة المشروع، بل وجد المستثمر نفسه أمام ضياع أزيد من 400 مليون سنتيم (4 ملايين درهم) تمثل مصاريف تهيئة المستودع وواجبات الكراء، دون أن يجد أي جهة تتفاعل مع شكاويه ، مطالبًا بالتحقيق فيما اعتبره “تزويرًا واستعمالًا لوثائق تدليسية” اتهم الورثة بالتورط فيها بالإضافة إلى مسؤول بإحدى المؤسسات بإنزكان. لكن الانتظار طال لأكثر من ثلاثة أشهر دون أي تحرك ملموس.
تثير هذه الواقعة تساؤلات حول المسؤولية عن هذا الخطأ الجسيم. فمن يتحمل مسؤولية إغفال المعلومات الحاسمة في الشهادة العقارية؟ هل تقع المسؤولية على عاتق المحافظة العقارية التي فشلت في تحديث المعطيات بشكل دقيق؟ أم أن هناك جهات أخرى متورطة في التلاعب بوثائق القضية؟
وتطرح هذه الواقعة أكثر من علامة استفهام حول مدى حماية الدولة للمستثمرين الشباب، ومدى احترام الإدارات للتوجيهات الملكية التي تشدد على تشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل، بدل ترك المستثمرين فريسة للفوضى القانونية التي تجهض المشاريع قبل أن تولد.
ويبقى السؤال المطروح: هل سيتم تصحيح هذا الخطأ الإداري وإعادة الحقوق إلى صاحبها، أم أن القضية ستظل مثالًا آخر على التحديات القانونية التي تواجه المستثمرين الشباب في المغرب؟