“شحنة سمك مجانية تشعل جدلًا واسعًا.. إحسان أم تصفية حسابات؟”

أثارت قضية عبد الإله مول الحوت بمراكش جدلًا واسعًا بعدما كشف عن تلقيه شحنة مجانية من السمك من طرف شخصية وصفها بـ”الرجل الوطني”، وطلب منه بيعها للفقراء بثمن رمزي لا يتجاوز 10 سنتيمات للكيلوغرام. غير أن هذه المبادرة، التي بدت في ظاهرها إحسانية، أثارت تساؤلات وشكوكًا كثيرة حول الغايات الحقيقية وراءها، خاصة في ظل الفوضى التي يعرفها قطاع الصيد البحري في المغرب.

من يقف وراء المبادرة؟
تحريات صحفية كشفت أن “الرجل الوطني” الذي أهدى شحنة السمك ليس سوى  أحد كبار بارونات الصيد في أعالي البحار، وهو مستشار برلماني ورئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الشمالية بالدار البيضاء، وقيادي بارز في حزب التجمع الوطني للأحرار. وتزامن تحركه مع غضبه من عمليات التفتيش الأخيرة التي استهدفت مصانع تعود له في مدن الداخلة، العيون، بوجدور، أكادير، آسفي، والدار البيضاء، والتي كشفت عن خروقات خطيرة أدت إلى إغلاق بعضها.

صراع داخلي أم تصفية حسابات؟
علاقة صبري بالوزيرة زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، لم تكن دائمًا متوترة، بل كانا مقربين قبل أن تتغير الأمور بينهما. ومع تصعيد حملة التفتيشات، تحول الخلاف إلى مواجهة غير مباشرة، حيث بادر رئيس الغرفة إلى تحريك الورقة الإعلامية عبر عبد الإله مول الحوت، مستغلًا شعبيته  لإثارة الرأي العام بمبادرة بيع السردين بثمن زهيد، في خطوة فسرت على أنها محاولة للضغط على الحكومة وإحراج الوزيرة أمام المواطنين.

زيارة مفاجئة تكشف المستور
بالتزامن مع تصاعد الجدل، قامت الوزيرة بزيارة لسوق الجملة للأسماك بالدار البيضاء، حيث وقفت على وضع كارثي يعكس حجم الفساد المتفشي في القطاع. ووفق مصادر مطلعة، فقد تلقت الدريوش تقارير خطيرة حول استخدام مصنع للثلج داخل السوق لمواد محظورة، من بينها غاز الأمونياك، الذي قد يشكل خطرًا على الصحة العامة.

حرب النفوذ في أعالي البحار
ما يجري داخل قطاع الصيد البحري يكشف عن صراع نفوذ بين مافيات تستفيد من الريع والرخص، وبين الحكومة التي تجد نفسها في مواجهة مفتوحة مع لوبيات قوية. في هذا السياق، تبرز مخاوف من أن يكون ما يحدث مجرد “سابوطاج” للحكومة من الداخل، خصوصًا أن بعض المتورطين ينتمون لنفس الحزب الذي تقوده الوزيرة الدريوش.

من سيربح المعركة؟
يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من فرض القانون على الجميع؟ أم أن المليارديرات المتحكمين في البحار سيواصلون استغلال نفوذهم لضرب الإصلاحات في العمق؟ الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن موازين القوى داخل هذا القطاع الحيوي، ومدى قدرة الدولة على التصدي للوبيات المصالح التي تراكمت لعقود.

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬270

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *