لم تأتِ زيارة عامل عمالة إنزكان أيت ملول، السيد محمد الزهر إلى حيّ المزار من فراغ، بل جاءت تتويجاً لمسار طويل من التراكمات والاحتجاجات الصامتة. وقد تعزز هذا المسار برفع ملف مطلبي مفصل من طرف “جمعية إزوران”، وضع واقع الحي الهش تحت مجهر السلطة الإقليمية، ودفع المسؤول الأول بالإقليم إلى النزول الميداني المباشر.
بمجرد الولوج إلى الحي، تتبدى مظاهر الإهمال في أدق التفاصيل اليومية: طرقات متآكلة، قنوات صرف مكشوفة، غياب تام للمساحات الخضراء، ونقط سوداء تحولت إلى بؤر للتلوث. هي مشاهد جعلت المعاينة الميدانية أصدق وأنفذ من أي تقرير إداري “ناعم”.
يقول أحد السكان، وهو خمسيني يقيم بالمزار منذ أزيد من عشرين سنة:
“لسنا ضد الدولة ولا نبحث عن امتيازات؛ كل ما ننشده هو طرقات صالحة، إنارة عمومية، وفضاءات تحترم طفولة أبنائنا.. لقد سئمنا الوعود.”
خرجة بلا بروتوكول
تميزت الزيارة، التي رافقه خلالها قائد الملحقة الإدارية الرابعة بالمزار، بطابع عملي صرف؛ حيث توقف العامل عند عدد من النقاط السوداء، واستمع مباشرة إلى شكايات الساكنة، في خطوة اعتبرها متتبعون كسرًا لنمط الزيارات الشكلية والبروتوكولية المعتادة.
وفي هذا الصدد، صرّح فاعل جمعوي محلي:
“هذه أول مرة نشعر فيها أن صوت الحي قد وصل فعلياً. لكننا ندرك تماماً أن الزيارة وحدها لا تكفي إن لم تُشفَع بقرارات حازمة وجدول زمني للتنفيذ.”
جمعية إزوران… من الشكاية إلى الفعل المؤسساتي
يُبرز التحقيق أن “جمعية إزوران” لعبت دوراً محورياً في تأطير مطالب الساكنة، عبر إعداد ملف مطلبي يستند إلى معطيات ميدانية دقيقة وصياغته بلغة مؤسساتية رصينة بعيدة عن التشنج، مما عجل بالتفاعل الرسمي معها.
أحد أعضاء الجمعية أوضح للجريدة قائلًا:
“اخترنا مسلك الحوار الموثق بدلاً من الشعارات الجوفاء. الملف تضمن حلولاً عملية نابعة من صلب المعاناة، وننتظر اليوم تفعيلها على أرض الواقع.”
أسئلة المسؤولية المؤجلة
أعادت المعاينة الميدانية إلى الواجهة سؤال “الحكامة المحلية”، حيث تساءل عدد من السكان بمرارة عن مآل الميزانيات المرصودة سابقاً، وعن الأسباب الحقيقية وراء تعثر مشاريع التأهيل لسنوات.
إحدى السيدات من ساكنة الحي صرحت:
“نسمع عن مشاريع تُعلن في الأوراق، لكن أثرها لا يلامس واقعنا. نريد تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لمعرفة من المسؤول عن هذا الإخفاق.”
بين المعاينة والتنفيذ… الامتحان الحقيقي
رغم الإشارات الإيجابية التي حملتها الزيارة، تُجمع آراء المتتبعين على أن الرهان الحقيقي يبدأ بعد مغادرة الوفد الرسمي؛ حين تتحول الملاحظات المسجلة في “دفاتر العامل” إلى قرارات تنفيذية وأوراش ملموسة.
وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية ازوران:
“هناك إرادة حقيقية للتصحيح، لكن التنزيل السليم يتطلب تتبعاً صارماً وتنسيقاً عرضانياً بين جميع المتدخلين لضمان ديمومة المشاريع.”
حيّ المزار: تطلعات مشروعة نحو مستقبل أفضل
يقف حيّ المزار اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من التنمية؛ حيث يحدو الساكنة تفاؤل كبير بأن تشكل هذه الزيارة العاملية نقطة تحول حاسمة، تُترجم سريعاً إلى برنامج عمل ميداني بآجال محددة لتأهيل البنية التحتية والارتقاء بالخدمات. وفي انتظار انطلاق الأوراش، يظل الأمل معقوداً على التنسيق بين كافة الشركاء لجعل مخرجات هذه المعاينة واقعاً ملموساً يلمسه المواطن في حياته اليومية؛ فالثقة—كما لخصها أحد شباب الحي— “تتعزز دائماً برؤية آليات الاشتغال في الميدان وتحويل الالتزامات إلى منجزات قائمة.”











