الغالبية الصامتة: عندما تمنح الأقلية حق حكمك

بينما تعصف موجة الغضب الشعبي بالواقع السياسي الراهن، وتتصاعد المطالبات بإصلاح حقيقي يعيد بناء الثقة المتهالكة، تطفو على السطح معادلة انتخابية صادمة: أيهما أكثر تأثيراً في صناعة النتائج – أولئك الذين يدلون بأصواتهم في الصناديق، أم الذين يصنعون القرار بصمتهم؟

لغة الأرقام لا تكذب. في استحقاقات 2021، وقف 16.4 مليون مواطن على جانب الطريق: 8.7 مليون مسجل امتنعوا عن التصويت، و7.7 مليون لم يجدوا طريقهم حتى إلى اللوائح الانتخابية. في الجهة المقابلة، كان صوت 2.1 مليون ناخب فقط كافياً لتمكين حزب من حصد 102 مقعد برلماني والهيمنة على المشهد السياسي.

هذه الأرقام تكشف المفارقة الأكثر إيلاماً: حين تختار الأغلبية الصمت، تمنح الأقلية شرعية التحكم في مصير الوطن. فالمقاطعة ليست مجرد موقف احتجاجي، بل هي تنازل طوعي عن الحق في التأثير، وتسليم مفاتيح القرار لقلة قد تستخدم المال أو النفوذ أو الولاءات الضيقة لتعزيز مواقعها.

الخطر الأكبر لا يكمن في فوز هذه الأقلية، بل في تحولها إلى قوة مهيمنة تتحكم في تداول المناصب وتسيير الشأن العام، بينما تبقى الأغلبية العددية الحقيقية حبيسة مقاعد المتفرجين.

اليوم، ومع اقتراب موعد استحقاق 2026، لم يعد أمام الراغبين في التغيير خيار التردد. فالشارع وحده لم يعد كافياً، والصوت الاحتجاجي يحتاج إلى أن يتحول إلى قوة تصويتية منظمة. تأسيس حزب جديد قد يكون حلماً جميلاً، لكن الانخراط في أحد الأحزاب القائمة القريبة من المواطن هو الخيار العملي الأكثر واقعية.

فقط 3 ملايين صوت من بين 16.4 مليون مقاطع كفيلة بهز عروش السياسة التقليدية، وقلب موازين القوى، وفرض معادلة جديدة. المعادلة التي يصنعها الشباب حين يدركون أن صناديق الاقتراع هي امتداد طبيعي للاحتجاج السلمي، وأن المشاركة الواعية هي السلاح الأقوى لتحقيق التغيير المنشود.

فهل تكون انتخابات 2026 بداية التحول الحقيقي؟ الإجابة، ببساطة، بين أيديكم.

الأخبار ذات الصلة

1 من 880

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *