رجال الدرك بين قلة الموارد وجمود المجتمع: معادلة تُعطل الأمن في القليعة

تعرضت ليلة أمس سيارة ناشط حقوقي وفايسبوكي معروف بمدينة القليعة لسرقة بطارية السيارة والراديو، في حادث يعكس تدهور الوضع الأمني الذي يعاني منه سكان هذه الجماعة التابعة لعمالة إنزكان أيت ملول، والواقعة على بعد 25 كيلومترا فقط من مدينة أكادير.

الأمن: نعمة مفقودة في القليعة

تعد نعمة الأمن من أبرز مظاهر استقرار المجتمعات، حيث يرتبط الأمن بالاستقرار السياسي والاقتصادي، وبنمو الأخلاق والتعليم. لكن في القليعة، يشكو السكان من انتشار الفوضى والجرائم نتيجة غياب الأمن، مما يجعل الحياة اليومية غير آمنة. “عندما تغادر منزلك ليلا، عليك أن تنتبه لكل خطوة تأخذها، سواء أمامك أو خلفك، فالسيوف والأسلحة البيضاء متواجدة في كل مكان”، يقول أحد سكان الجماعة.

هذه الجماعة، التي صارت تُعرف لدى سكانها بـ”البؤرة السوداء” أو “كولومبيا المغرب”، تشهد انتشارًا كبيرًا للجريمة، حيث يتجول أغلب الشباب حاملين أسلحة بيضاء تحت ملابسهم، ما يزرع الخوف في قلوب السكان، خصوصًا النساء اللواتي يُضطررن إلى العودة إلى بيوتهن قبل غروب الشمس، خوفًا من الاعتداءات.

قصص من قلب المعاناة

قصة سيدة تعرضت لاعتداء بسيف أثناء عودتها من عملها، حيث أصابها المعتدي في وجهها في وضح النهار، تعكس حجم الجرأة التي أصبح عليها المجرمون. ورغم فداحة الجروح، إلا أن الضحية لم تتقدم بشكوى خوفًا من انتقام المجرمين التي تسيطر على المنطقة. هذا السلوك يعكس مدى الخوف الذي يسيطر على سكان القليعة، حيث يفضلون الصمت على مواجهة المجرمين أو التبليغ عنهم.

نداءات لتوفير الأمن

رغم كثافة السكانية الكبيرة في القليعة، التي وصل عدد سكانها إلى 122 ألف نسمة في 2022، إلا أن الجماعة لا يتولى أمنها سوى 13 دركيًا فقط. وقد دفع هذا الوضع البرلماني خالد الشناق إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير الداخلية حول ضرورة إحداث مفوضية للأمن في الجماعة، خصوصًا مع التوسع العمراني والديموغرافي الذي تشهده القليعة. فالجماعة مقبلة على احتضان أكبر سوق للجملة بالجهة، إلى جانب مشاريع لوجيستية وصناعية، مما يستدعي تعزيز التواجد الأمني.

جهود الدرك تصطدم بصمت المواطنين 

بالرغم من الجهود المبذولة من قبل رجال الدرك المحدود عددهم في التصدي لظاهرة الإجرام في جماعة القليعة، إلا أن هذه الجهود تواجه عقبة كبيرة تتمثل في جمود المواطن ورفضه الإبلاغ عن أي اعتداءات. هذا الصمت المجتمعي يساهم في تقليل عدد الجرائم المبلغ عنها، وبالتالي يظهر الوضع الأمني على أنه أقل خطورة مما هو عليه في الواقع. وتعتمد وزارة الداخلية على هذه الإحصائيات عند اتخاذ قرارات بإنشاء مفوضيات للشرطة، مثلما حدث في مدينة بيوكرى. فعند افتتاح مفوضية للشرطة هناك، اكتشف رجال الأمن أن المدينة كانت تشكل “بؤرة” للإجرام، حيث تم توقيف العشرات من المطلوبين للعدالة المختبئين في بيوكرى منذ سنوات، والذين كانوا فارين من مدن أخرى.

هذا المثال يبرز أهمية التعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية، حيث يمكن أن يؤدي تفعيل دور الشرطة إلى كشف النقاب عن الشبكات الإجرامية وتحقيق الأمن والاستقرار المطلوب.

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬204